اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > عبد الوهاب البياتي كيف كان ينظم قصيدته ؟

عبد الوهاب البياتي كيف كان ينظم قصيدته ؟

نشر في: 27 يناير, 2010: 04:58 م

محمد صالح عبد الرضامن حديثه عن تجربته الشعرية نفهم أن الشاعر عبد الوهاب البياتي في بدايته كان يشعر بأن شيئا ما كان يلح في طلب التعبير عنه ، يجول في نفسه وفي عام 1944 عام دخوله دار المعلمين العالية اكتشف حقيقة المدينة وتفتحت امامه ثقافات عديدة التفت بحسه الإنساني وقد قرأ غوركي وتولستوي وتشيخوف وديستو فسكي وألهبت مشاعره كتابات أودن وأشعاره بغنائيتها الواقعية
 كما عرف انواعا متعددة من الابداع الفني وصارت له صحبة أدبية مع السياب وبلند الحيدي وعبد الملك نوري وغيرهم حيث أكتشف أن التعبير الشعري اقرب إليه من أي شكل أخر للتعبير عما يجيش في صدره.أن التكوين النفسي للبياتي يتصل بالرؤية الشاملة للأشياء والنفاذ إلى جوهر الأشياء التي هي مادة الشعر وينبوعه بكونها أكثر ملاءمة لحركة نفسه الداخلية واقرب إلى رغبته وهو الذي قرأ دواوين الأقدمين وتركت في نفسه أثراً لا ينسي كما شغف بأغاني الغربة التي تطابقت مع أحساسه بشعر الحياة وحزن الكائنات.لقد كان الشعر هو الأقدر على إشباع رغبته في التعبير بالكلمة وهو يحس أن الشاعر يولد من تلك المخالفة بين عالمه الداخلي وعالمه الخارجي ومن ذلك يكتشف نفسه ويخلق نوعا من الحوار الصامت بينه وبين العالم الخارجي ويقرأ التاريخ كتجربة إنسانية وصورة حية لعمق الزمن إضافة الى التزامه بالإصرار على الحرية ورفض السطحية والمجانية بفهم إنساني شامل.وبحث البياتي عن إيقاع موسيقي خارجي يتسق وإيقاع التجربة الجديدة لتصبح موسيقى الشعر جزءاً عضويا مكملا للتجربة الشعرية نفسها وأساسها الفكري والوجداني الذي يصل إلى تجربة التصوف الممتزجة برؤية شعرية نافذة وكانت اشعاره الأولى محاولة لتصوير واقع محطم يخيم فيه الياس على كل شيء أنطلاقا من شعوره بأنه يكتب مدافعا عن الحرية والعدالة للجماهير البائسة وقد غمرت الرؤية المتمردة مواضعيه الشعرية التي كتب فيها وهو يحس بغربة الإنسان في العالم ويكتشف غربة الفقر ومنفاه.صفات الكائن الحيويؤكد البياتي - في حديثه عن تجربته الشعرية - ان بعض الكلمات تكتسب في عينيه صفات الكائن الحي فلا تكون مجرد كلمات مفردة فيها عوالم كبيرة ورؤى وذكريات وتظل هذه الكلمات تطارده ، وتفرض وجودها عليه بصورة طبيعية كانها من ذاته وهي أحيانا رموز ومفاتيح لأشياء ترسبت في أعماق الروح وفي أحيان اخرى تصبح دلالات على أشياء غير موجودة في العالم علي الأطلاق.وفي تقنية البياتي الشعرية تبدو القسمات البنائية ذات يقظة بالغة في التكنيك والتكوين الشعري وهو يفض بكارة القصيدة لتكون الولادة الشعرية من نبضات تجربته وتكون البداية منسجمة والبنى الاخرى اللاحقة التي تنمو داخل النص وتقودك إلى معني القصيدة في حركة فاعلة وتحس حين يستحضر البياتي موضوعه يحرص على توظيف صوره التي تخدم الموضوع الشعري وتستوحي مناخه الفاعل بما يسهم في بلورة الحالة الشعرية المنبثقة عبر تفاعلها وموضوعها فتغدو تمثلا للموضوع الذي يستحضره وهو يستقي صوره منه وتكسبها دلالات التجربة في محاور معاني القصيدة من مقتربات مكانية أو فعلية.والحياة مصدر شعري أساس بما تحمله من أحساسات مرئية أو أنفعالية ومواقف واشارات لها تأثيراتها الجوهرية في سائر تجربة الشعر وعناصرها الفكرية وليس من الصعب ، أن نحلل المرجعيات الحياتية في القصيدة وصلتها اليومية بالموضوع الشعري والأفكار التي تحدثها كلماته وصوره ولما كانت رسالة الشعر توصيلية تبليغية فان التقاء الشاعر والقارئ في تجربة انسانية له اثره الفني المنسجم مع نفس الشاعر وضمير المجتمع انها ليست عملية اشراك القارئ وكأنّ الشاعر يعبر عما يجول في خاطر القارئ فيقول عنه (القارئ أصبح في قلبي) ليكون لسان حاله.التجربة العاطفيةوتتدفق فيوضات التجربة العاطفية للشاعر بمباهجها وآلامها فتدخل حينا محور الأحساس الدرامي حيث أن الحب سر روحي في تجربة حياته عاشها الشاعر بين هموم أجتماعية وهموم رومانسية ونجاحه في مراحله الأولى وكان يضع الرومانسية في خدمة واقعه كما أنه استخدم لغة المتصوفة بإضفاء أبعاد جديدة لما لها من قدرة على الكشف وحين يستدعي الشخصيات الصوفية يعطيها صفة الإنسان الثوري المغامر والمتمرد وقد امدته تجربة التصوف بطاقة كبيرة عبر عنها بقوله (( هي عزاء المواصلة للسفر الدائم ولولا الاغتسال بمثل هذه الينابيع لكان من الممكن أن أتوقف ( - ص 223 / مجلة الأقلام / ع 11/ 1987) - وصرح مرة في حوار معه - مجلة الاقلام ع 11 ، 12 / 1987) - أنه حين يكتب قصيدته لا يحاول الدخول من باب سلطان العروض أو البلاغة أو البيان والبديع ، أما يحاول أن يجعل من الشعر حرفة جديدة للعفوية من خلال ممارسة ومعاناة وتهذيب النفس ويمكن تأشير لمحات تتصل بطقوس الولادة الشعرية عن البياتي من خلال حواراته:عند كتابة القصيدة لا يفكر بكتابتها كأن هناك لوحاً محفوظاً داخل نفسه تكتب فيه أشياء كثيرة دون وعي جمل شعرية ، وهو يشعر مثل شعور التلميذ الذي يخشى الأمتحان أنه لا يمتلك غير مشاعره العفوية.يهرب احيانا من شبح الكتابة الذي يضعه إمام أمتحان عسير قبل أن تصعد امام الناقد أو القارئ وكأن ثمة إنسانا يطارده إضافة الى شعوره بالقلق الشديد.يشعر أنّ حياته بين قصيدة واخرى بين ديوان واخر كانها ملغاة ويشعر أن القصيدة تاتي مثلما يحصل للإنسان نزف او يجد دمعة تنزل من عينيه دون أن يكون قد ب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram