TOP

جريدة المدى > غير مصنف > عبد الوهاب البياتي.. مواقف وآراء

عبد الوهاب البياتي.. مواقف وآراء

نشر في: 27 يناير, 2010: 05:01 م

محمد سعيد الصكار كنا في البصرة نتابع بحماس ما يكتبه السياب ونازك والبياتي وبلند ومحمود البريكان واكرم الوتري وعبد الرزاق عبد الواحد وسعدي يوسف وغيرهم من الشعراء الموجودين في بغداد، وكنا نتناقل كتبهم المنشورة والمحظورة، وكان من بين الكتب التي وقعت في يدي يومذاك ترجمة السياب لقصيدة اراغون (عيون إلزا)
 التي اعارنيها صديق بشرط ان اعيدها اليه في اليوم التالي، فقرأتها واستنسختها ، واعدت الكتاب اليه، ثم رحت في اليوم التالي، أخطها في كراس جلدته بنفسي، وأعرته صديقي الشاعر زكي الجابر ونسيته عنده الى اليوم. وكان من بين الكتب المحظورة التي وصلتنا يومذاك ديوان البياتي (المجد للاطفال والزيتون) المطبوع في القاهرة، وقد تداولناه سراً فكان ذلك اول لقاء حميمي لي مع البياتي مع أنني كنت احتفظ بديوانه (اباريق مهشمة) قبل ذلك. أما لقائي الشخصي به فكان في دمشق في شهر اب 1957، عندما كنت ضمن الوفد العراقي المسافر سراً الى موسكو لحضور مهرجان الشباب والطلاب السادس، وكانت (هند) زوجة عبد الوهاب بين اعضاء الوفد، وكان الوفد العراقي استأجر بيتاً في محلة الميدان بدمشق لاقامة اعضائه ريثما يتم تدبير امر عودتهم الى العراق، واذا اكتشفت السلطات العراقية اسماء اعضاء الوفد ونشرتها جريدة (الشعب) البغدادية، اصبح من المتعذر علينا العودة الى العراق، فبقينا في هذا البيت بعض الوقت، وهناك تعرفت على عبد الوهاب البياتي وعبد القادر اسماعيل والدكتور نبيه رشيدات الذين كانوا يزوروننا في هذا البيت الذي اسميناه يومها ببيت (التجمع القومي) ، وبعد مضي ايام قليلة، بعثت ادارة الوفد بعض الاشخاص لاستطلاع الطريق الى بغداد، فاعتقلوا واودعوا السجن، وعندها ترك لنا تقدير مواقفنا والتصرف كلاً على هواه، فقررنا صديقي عدنان محمد سليم وانا ان نستأجر غريفة في مكان اخر قريب من حي السيدة زينب، في بيت عادل الزين، وكانت عائلته تتألف منه ومن زوجته وابنتيه أميرة وفلك. وفي هذا البيت استنزفنا كل ما نملك من نقود، وكنا ننتظر الموافقة على قبولنا لاجئين سياسيين في سوريا، وقد الجأنا الفقر الى ان ابيع بسعر بخس كثيراً من الاسطوانات الموسيقية لاساطين المؤلفين، وعددا من طوابع البريد التي كنت جلبتها معي من  بغداد، ولكن ذلك لم  يكن يكفي لطعام يوم، فكنا نعالج جوعنا بسهر الليل كله في القراءة والكتابة والاحاديث ، وننام النهار حتى المغرب، حيث ننطلق الى محلة الصالحية ونتناول وجبة فلافل تدفعنا الى اليوم التالي، وقد صعبت علينا هذه الوجبة الشهية بعد ايام، فكنا نستعيض عنها بعرنوس من الذرة المسلوقة الذي صعب علينا هو ايضاً فيما بعد. ولم تفلح كل محاولاتي في العثور على عمل في أي مجال، فقد طفت على العديد من الخطاطين والفرق المسرحية لعلني اجد عندهم أي عمل فلم أفلح. وكان يربكنا أمر الشاي الذي كنا نتسلى به ليلاً، فقد استهلك هو الاخر، فكنا نبقى حثالة الشاي الى اليوم التالي فالذي بعده. ليمنح الشاي لونا نغالط انفسنا بكونه (شاي سنكين) وكان كل ذلك يجري بسرية تامة عن اهل البيت، الى ان كبستنا فلك ذات يوم اذ فتحت الابريق فرأته مليئاً بحثالة الشاي، ففوجئت به وراحت تصيح بأختها أميرة:"العمى، ثلاثة ارباع الابريق شاي"!وكان خجلنا من اكتشافها هذا لامثيل له. في هذه الاثناء حضر عبد الوهاب البياتي ليستأجر غرفة في هذا البيت، فاحتفى به احتفاء بالغاً تمثل في إقامة غداء له دعينا اليه. وكان عهدنا بعيداً بأكل (الاوادم)! فانهمكنا بتناول كمية فائقة من الاكل السوري اللذيذ اشبعتنا ذلك اليوم واليوم الذي تلاه، ولم يكن احد من الموجودين منتبهاً الى ما نعانيه. وقد شكرنا عبد الوهاب في قلوبنا على ما أتاحه لنا من تذكر الاكل الطبيعي للناس ، ومن يومها بدأت معه علاقة استمرت الى يوم وفاته رحمه الله. وعندما عدنا الى بغداد بعد ثورة تموز عام 1958، التقيته مرة في مقهى البرازيلية ، وتذكرنا ايام دمشق، وسألني عن عملي فقلت له إنني أجلد كتب الاطفال حيث أطوف على المدارس وآخذ عدداً من الكتب المدرسية اجلدها لأدارة المدرسة بمبلغ عشرين فلساً للكتاب! واذا عرف انني اجيد تجليد الكتب عرض عليّ ان أجلد له كتب مكتبته فاستحيت لاحساسي بأنه يريد مساعدتي بشكل مقبول، فاعتذرت. وعبد الوهاب بطبعه انيس رقيق الحاشية، وما نعرفه عن مواقفه من شعراء جيله وآرائه فيهم، وغضه من قيمتهم الشعرية، امر آخر فهو اذ يأمن امر المنافسة من المقابل ينفتح على طبيعته الودود، ولطفه الطبيعي.   واذكر أنني كنت دعوته مرة الى العشاء على  شاطئ دجلة في شارع ابي نواس في أواخر الستينيات أو اوائل السبعينيات، وكان عائداً من القاهرة، فاستأثر حديثه عن غالي شكري بأمسيتنا كلها تقريباً، اذ اوسعه نقداً لاذعاً.. زاعماً ان ما يكتبه غالي هو من إنشاء احد القسس، وان شهرة غالي الادبية هي بسبب قرابته من سلامة موسى! كما أذكر انني كنت معه في جلسة ضمت عدداً من محبيه في الشارقة، اثناء تسلمه جائزة العويس التي دعيت اليها، ودار حديث ممتع طويل عن قضايا الشعر والادب سألته فيه عمن يتوسم فيهم تمثيل الشعر العربي المعاصر في ايامنا، فصفن لحظة وقال: سعدي يوسف، ثم اضاف بعد قليل: ومحمد علي شمس ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram