اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المحتسبون الجدد

المحتسبون الجدد

نشر في: 27 يناير, 2010: 06:06 م

جمال جصاني المحتسب؛ إحدى الشخصيات المرموقة من مغارات تراثنا الجليل، والسبيكة الاشد فتكاً من رأسمالنا الرمزي واسلحتنا الخفية المتخصصة؛ في مجال التصدي لهبوب الرياح وتغيرات الطقس، العابثة بدروب قوافلنا الآمنة وحوافرها الرتيبة على كثبان خارطة الذهاب والآياب وبندولها الازلي.
 وهذه العينة من المخلوقات غالباً ما تهبط على مضاربنا من على اجنحة العجاج المتصاعد عادة عند الاستدارات والمنعطفات التاريخية الحادة. وهي مخلوقات تزداد هياجاً عندما تجمعها الاقدار واشباهها من حاملي ذات الـ (DNA) في السيرة والسلوك والوظيفة. في القرون السالفة كانت لهم صولات وجولات في كبح جماح كل انواع (المروق والزيغ)، وكل اشكال التمرد على (الملة والجماعة) وفرمانات (ظل الله في الارض)...المحتسبون؛ تلك القوافل المنحدرة من ممالك اليباب، تحتسب اعمالها و(فتوحاتها) عند الله... ولكن من وهبهم رموز الشفرة الالهية؟ ومن اباح لهم احتكار تلك المهمة وذلك المشوار الذي لم تترك فضلاته سوى الفجيعة والبؤس؟. والعجيب في أمر هذه (القوافل) ان اكثر من ادرك مغزاها ونجح في الاستثمار في حقولها، هم السلاطين وسلالات (اولي الامر) حيث لم يمر وقت طويل حتى تحولت هذه (الفزعات) المهتاجة بين الحين والحين الى (هراوات) تهرول لكسب رضاهم وودهم و....عطاياهم التي اسدلت ستار النسيان عن (مافي يد الله)...لقد انجزت الاجيال الاولى منها مهامها وتوجتها بمهرجان حرق مؤلفات ابن رشد ونفيه بعيدا عن حظائرها المحروسة بعلف التلقين. لقد بهت دور (المحتسبين) زمن حكم سلاطين بني عثمان (لا بسب نصرتهم للعقل وحقوق عباد الله، بل لانتقالنا الى شوط جديد من الغيبوبة) وانكمشت سطوتهم على مصائر (عيال الله). غير ان الحياة بدأت تدب في مفاصل مومياءاتهم، بعد زوال ظل تلك الامبراطورية الغاشمة. وبعد اولى الدفقات التي اندفعت الينا من فسطاط (الكفر) انطلقت الصرخات تطلب الغوث من تلك الرمم، ولم يمر وقت طويل حتى اعيد استنساخها لتتبوء مقعدها في مقاومة الخطر القادم من خلف البحار. اكثر من الف عام من الخراب المتعدد الجبهات والبطش المتنوع الاشكال بمصائر (عيال الله) ومجسات تلك النواقيس الصدئة لم تدون شيئاً يذكر عن كل ذلك المشوار المرير من الوجع والنحيب، فالوصايا الخالدة ترن في اقحاف جماجمنا: (حاكم غشوم ولا فتنة تدوم). تعاويذ تبقى تصون الحضائر الآمنة من فايروسات (البدع) ومحاولاتها المستميتة لهتك عذرية العقل المعتصم بعروة (الثوابت) وحشائش اليقين. تحت عنوان (فتنة الحنابلة ببغداد) ينقل لنا ابن الاثير في الفصل السادس من اثره المعروف (الكامل في التاريخ) يقول: (وفيها- يقصد سنة323هـ في خلافة الراضي – عظم امر الحنابلة، وقويت شوكتهم، وصاروا يكبسون من دور القواد والعامة، وان وجدوا نبيذاً أراقوه، وان وجدوا مغنية ضربوها وكسروا آلة الغناء، واعترضوا في البيع والشراء، ومشى الرجال مع الناس والصبيان، فاذا رأوا ذلك سألوه عن الذي معه ومن هو؟ فان اخبرهم والا ضربوه وحملوه الى صاحب الشرطة، وشهدوا عليه بالفاحشة، فأرهجوا بغداد). تلك عينات عشوائية من محطات متفرقة لسيرة حياة امتدت لاكثر من الف عام وعام، ومازالت تتواصل مع ذلك التراث الذي وهب نفسه وظيفة (هراوة الرب) واحتكر لمخلوقاته ليس؛ حق الاصغاء لوصايا السماء وحسب بل شمر عن صلاحيات لامحدودة، رفعت عن كاهل الذات الالهية، عبء تقرير مصائر مخلوقاتها لحظة الولوج الى بوابات الآخرة...! عند هذه الحيوية التي اتشحت بها النسخ الجديدة من سلالات (المحتسبين) سيتوقف كثيراً كل من يتابع مجرى الاحداث على مسرح هذه (الاوطان) المنسية. حيوية، لم يسلم من رذاذها سكان الادغال والذين سارعوا لاشهار تضامنهم عبر ميليشيات (جيش الرب)...كتائب وفيالق وعسس وجند سماء وسلع من كل حدب وصوب، لاتجد رواجاً لها الا عند سكان المستوطنات التي ناصبت صرخة حكيم المعرة العداء: (لا امام سوى العقل..) استغاثة، لم تصل الى احفاد ديكارت وتلاميذ عمانويل كانط الا بعد ان هبط البرجان وتصاعد الدخان تحت حوافر دواب فرسان غزوة (منهاتن) المجنحة، الذين اطاحوا بالبشر والحجر (تقرباً الى الله و...شغفاً بحورالعين) هكذا تركوا حطام الممر الى حيث فردوس المقر. ومن سار على الدرب وصل، واسرعهم من كان مشتعلاً...! تتحدث الاحصائيات شبه الرسمية عن مايقارب الـ (20 مليون) مجنون رسمي يعتاشون ويرزقون من خيرات هذا اليباب الممتد من الماء الى الماء، وعندما تلتحق الاعداد غير الرسمية فسيتضاعف الرقم بلا شك...ولكن السؤال الموجع هو: كم من هؤلاء المختلين عقلياً وسلوكياً يقبضون اليوم؛ على صولجان الوصاية والولاية والقرار في هذه المستوطنات المنسية؟ لو توفرت لنا الارقام والمعطيات عن ذلك لسنحت لنا الفرصة لفك شفرة حشد من الغزوات استقرت احدى حرابها على رقبة نجيب محفوظ أو نوع تلك النصوص والتشريعات التي استند اليها احد قضاة (ام الدنيا) في حكمه الماوراء سوريالي بابطال عقد اقتران العالم الجليل نصر حامد ابو زيد بزوجته الاستاذة الجامعية، والفتاوى التي قادت زخات الرصاص الى ابرز عقول لبنان توهجاً؛ حسين مروة ومهدي عامل، ومانوع القبضة التي تسللت من معطف الجنرال الى عنق ذو الفقار علي بوتو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بسبب الحروب.. الأمن الغذائي العالمي على حافة الهاوية

اعتقال "داعشي" في العامرية

التخطيط تبين أنواع المسافرين العراقيين وتؤكد: من الصعب شمول "الدائميين" منهم بتعداد 2024

هروب امرأة من سجن الاصلاح في السليمانية

وفاة نائب عراقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram