TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > متى سقطت دولة النساء ؟

متى سقطت دولة النساء ؟

نشر في: 29 يناير, 2010: 04:46 م

عبد الكريم العامريباحث اجتماعي في المجتمعات البدائية التي تعد الزراعة فيها المصدر الأساسي للغذاء، كان الحكم كله تقريبا في يد المرأة، بسبب إحاطتها بقوى الطبيعة التي لا يمكن فهمها ولا السيطرة عليها، لذا كان الرجل البدائي يعبد آلهة إناثا لا ذكورا ، يكرم النساء لا الرجال.
 الرجل البدائي لا يفهم معنى التعاون بين الجنسين في إنجاب كائن بشري جديد، لكنه يرى هناك صلة بين خصوبة المرأة التي تلد طفلا جديدا وخصوبة الحقل الذي يأتي له بنعمة القوت، لهذا عبدهما معا لأنه رأى فيهما ظاهرتين لا غنى له عنهما في حياته. من نتيجة جهل الرجل بدوره في ظاهرة الميلاد والخصوبة ان أصبح الحكم في أيدي الأمهات. المرأة الولودة في العرف البدائي، أقوى سحرا من الرجل الذي لا يستطيع هذا. المرأة تقوم على كفالة العدل بين الناس، الأطفال ينسبون الى أمهاتهم، الأزواج من الكماليات التي يحسن ان تقتنى وان لم تكن ضرورية.الرجال كسالى، حين تتزوج المرأة تختار زوجا يصغرها سنا، يتحتم أن يقسم لأمها بين الطاعة والولاء. يجد الرجل في المجتمع فراغا كبيرا يشغله بممارسة الصيد أو الحرب. لهذين الفنين سببا في حدوث تغير كبير في تاريخ الجنس البشري. الرجال في دولة النساء، يصيدون الحيوانات من الغابات ويجيؤون بها الى مجتمعاتهم حيث يروضونها حتى تصبح أليفة ، بذلك خلقوا مصدرا جديدا للثروة. يجمعون قطعان الأغنام، الماعز، الجمال، الأبقار الخنازير، الخيل.. أصبحت الحيوانات المستأنسة المصدر الغذائي الأول للمجتمع. تعتمد الماشية في وجودها على توفر المرعى، المجتمعات تضطر بأسرها أن تتبع ماشيتها في رعيها. نتيجة ذلك دخل تغير على نظام المجتمع، فبدلا من ان يزرع الرجل حقلا واحدا عاما بعد عام ويعيش حيث هو، وجد ان الأسهل عليه ان يعتمد في غذائه على الحيوان، ثم أصبحت الزراعة موسمية مؤقتة. أخذ الرجال الذين اقتنصوا الحيوانات من الحقول، الغابات واستأنسوها يدركون شيئا فشيئا أنهم أصبحوا يسيطرون على مصدر جديد للغذاء يفوق القديم. باكتشاف الحديد، البرونز، استطاع الرجال ان يوسعوا نطاق عملياتهم الحربية. نشأت الحروب أسبابها الأولى النزاع على المراعي. ثمرات هذه الحروب الأسرى من رجال العدو، الغنائم من قطعان الماشية. الزراعة البدائية جماعية في ذلك الحين، إننا نلمس في البربرية ، الحروب، الملكية الخاصة بذور الفردية. كان أشد المحاربين بأسا أوفرهم نصيبا من الغنائم. لما أصبح الرجال مسيطرون على مصادر الغذاء ثاروا على حكم النساء، أرادوا أن يحكموا بأنفسهم لأنفسهم. صاحب هذا التغير اعنف ثورة شهدها تاريخ الأخلاق والعادات البشرية، فقد بدأ الرجال يتحولون من عبادة آلهة الخصب الى عبادة الملكية الفردية ، بنوا الأسوار حول مراعيهم. شهد بناء أول سور سقوط دولة النساء! فبالتحول من نظام الملكية الجماعية للأرض الى نظام الملكية الخاصة للماشية والمراعي انهارت دولة النساء، حلت محلها دولة الرجال. بدأ الآباء يحكمون بدلا من الأمهات، حكم الرجال بوحشية المظلوم المضطهد الذي أصبح الحكم والسلطان في يده فجأة. هذا التحول، الانقلاب التام في العادات والأخلاق كان أعنف ثورة حدثت في تاريخ البشر على أن هذا التاريخ غير مدون، لأنه بدأ قبل أن يعرف الإنسان الكتابة بوقت طويل. نشأت بنشوء الملكية الفردية على أيدي الرجال حضارة جديدة كل الجدة، فبعد أن أصبح الرجال هم المسيطرين على مصدر الغذاء، أنزلوا النساء من عروشهن القديمة، ضمانا لسلطانهم الجديد سنوا القوانين التي نزلت بهن الى درجة العبودية التامة. حين قبض الرجال على أعنة السلطان حرصوا على أن يحرموا المرأة من كل فرصة للدخول في شؤون المجتمع، احتاطوا لكيلا تعود المرأة الى استرداد السلطان. نسب الرجال الى أنفسهم بالتدريج كل صفة حسنة، اعتبروا النساء في المرتبة الثانية. بدأ الرجال يتزوجون نساء أصغر منهم سنا، أخذ الآباء يبتهلون الى الله ان يرزقوا بالبنين كانوا يحزنون حين يرزقون بالبنات، لما كانوا لا يستطيعون منع النساء من ولادة البنات فقد عمدوا إما الى قتل بناتهم أو بيعهن جواري ومحظيات. أصبحت النساء سلعا تباع وتشترى، يقدر ثمن الجميلة منهن بكذا وكذا من الماعز والأغنام، أما الدميمة فلم تكن إلا عبئا ثقيلا. لم تكن المرأة حتى ذلك الحين تحفل بجمالها أو دمامتها، فمجرد كونها امرأة كان يكفل لها ان تكون ذات سلطان، فلما انتقل السلطان الى أيدي الرجال أصبح جمال المرأة رأسمالها. بهذا التغير في الأحوال نشأ تغير آخر في الأخلاق الجنسية ، ففي المجتمع النسائي لم يكن احد يهتم بمعرفة من هو أبوهن يسهل عليه ان يعرف أمه. أخذ الآباء يهبون ماشيتهم لأبنائهم. لكي يعرف الرجل من هو ابنه الذي من لحمه ودمه أصبح من الأهمية بمكان أن تكون العروس بكرا لم يمسسها رجل آخر قبل زوجها. أصبحت النساء موضع صيانة منذ طفولتهن، كما تصان الآنية الثمينة، حتى يتزوجن. حين تتزوج تصبح وظيفتها زوجة، أما، جارية.. أية مخالفة تقابل بأقسى العقاب. نشأت حضارة، زاد الرجال حظهم من المعرفة بالفنون والعلوم ، تفتحت فرص جديدة، لكنها للرجال. أمام النساء تفتحت فنون الطهي ، الرقص لإدخال السرور على الرجال، أو الأشغال اليدوية. تاريخ قسوة الرجل على المرأة، هو تآمر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram