عامر القيسيرغم كل ماعرض من وثائق عن نظام الرذيلة السابق لجرائم يشيب لها الرضيع، كما يقول العرب في اشعارهم، الا ان الجريمة التي عرضتها قناة العراقية عن قطع رؤوس لعراقيين على ايادي عصابات (فدائيو صدام) هزّت حتى ضميربعض المتعاطفين مع نظام صدام،
لان طريقة التنفيذ والاحتفاء المهووس بحمل الرؤوس والهتافات بحياة القائد عكست نموذجا للغرائز الحيوانية التي كانت تحرك حماة العائلة الحاكمة وتقدم الدليل الاكثر فظاعة عن آلية اشتغال المنظمات الارهابية التي كانت ترعاها السلطة السابقة وهي تحصل على براءة اختراع قبل القاعدة في قطع الرؤوس البشرية والاحتفاء بالدماء التي تقطر فضيحة من فضائح القرن العشرين لنظام قدم نفسه للشعب العراقي باعتباره نظاما ارهابيا من الطراز الرفيع تحت حماية القانون الذي كان يشطب ويحرربنوده الدكتاتور بجرة قلم كما صرح في اكثر من مكان وزمان. فلم لايحتاج الى كلام كثير ينبغي ان يراه لاكثر من مرّة اولئك الذين مازالت الخديعة تمسك بتلابيب قناعاتهم عن النظام السابق والذين ما زالوا يرفضون ادانة جرائمه التي فاقت تصورات الاخيلة المريضة والخبيثة معا. احد ممثلي الشعب يكذب صور الجرائم التي عرضت عليه ويستهتر بكل حرمة شهداء نظام الابادة الجماعية، تراه ماذا يقول لو انه رأى ابشع لقطات انتجها عقل وفكر وممارسة في قاع وجوانية الغرائز الحيوانية الاشد شراسة وغلوا وفقدانا للضمير؟ وماذا سيقول ممثل آخر للشعب العراقي وهو يبرئ الطاغية من جرائم حزبه ليدين بقوة الشيوعيين و: الجماعة الآن " الذين يرتكبون جرائم ضد الانسانية! هكذا تحدث ويتحدث عضو في مجلس النواب العراقي ورئيس لكتلة سياسية فتصوروا من يقودنا أو في اقل تقدير يساهم في صناعة القرار السياسي العراقي من داخل قبّة مجلس النوّاب. فلم ليس جديدا علينا نحن الذين ذقنا ويلات صدام واكتوت جلودنا بنيران عبثه بحياة الشعب العراقي برمته، وهو لم يعمق الا حزننا على الضحايا وتمسكنا اللامحدود بقطع الطريق على كل محاولات اعادة سيناريوهات الفلم الذي رأيناه. علينا ان لانترك لذاكرتنا حرية الاسترخاء والتمدد في الحاضر، فالماضي ما زال يطل برأسه باشكال متعددة، ماض من العسف والاهانة والقتل المجاني والرعب اللحظوي واليأس وفقدان الأمل وتفكك الحياة وتدمير النسيج الاجتماعي العراقي والمقابر الجماعية والابادة الكيمياوية للجنس البشري والاقبية السرية والاختفاء الابدي للبشر واحواض التيزاب والحروب واشاعة اجواء الخوف في كل مفاصل الحياة، هذا هو الماضي الذي يعيد انتاج نفسه الآن بالتحالف المصلحي المشوه بين البعث الصدامي والقاعدة والجيران الذين يريدون لنا "خيرا". ان محاولات تسريب الماضي من تحت "تبن " الحاضر ليست محاولات بريئة وهي من النوع الذي يديف السم في العسل لتكون الصورة مقبولة والكلام معقولا والتسويق سهلا فنبتلع الطعم تحت راية الديمقراطية العراقية الغريبة،عندما نلهث وراء المجرم ليقبل بنا ووراء مسوقي الماضي الذين لبسوا جبة الحاضر من كل الطوائف والملل والقوميات والاحزاب والتجمعات دون استثناء لنمسد على رؤوسهم طالبين منهم الصفح والمغفرة عمّا ارتكبناه بحقهم من جرائم عندما بوأناهم مقاعد البرلمان ووزرناهم الوزارات وعلينا ان نختمها فنرزم حقائبنا لكي يرضى عنّا الامريكان والروس واليابانيون والاشقاء في الدين والدم والقومية! ولا ننسى ان نأخذ معنا شموعا لشهدائنا كي لاينهضوا من جديد!
وقفة: جرائم "برسم "الضمير!
نشر في: 31 يناير, 2010: 05:22 م