TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > محمد حديد: مذكراتي و بدايات الحركة الديمقراطية في العراق

محمد حديد: مذكراتي و بدايات الحركة الديمقراطية في العراق

نشر في: 31 يناير, 2010: 06:26 م

سمير عبد الرسول العبيديشغلت مذكرات الساسة العراقيين حيزاً واسعاً للعراق المعاصر من المكتبة التاريخية التي وثقت لتاريخ العراق المعاصر ويعود ذلك الى كونها تمثل شهادات حية لاشخاص عاصروا الاحداث بل ربما اسهموا في كثير من الاحيان في صناعتها . واذا كان ذلك يحتسب لهذه النوعية من الكتب فانه يجب الالتزام بجملة من الامور قبل الاخذ بما جاء فيها من حقائق باعتبارها مسلمات يجب الاخذ بها من دون بحث وتمحيص .
ولعل اول ما يجب القيام به هو القراءة المتأنية للمقدمة سواء اكانت قد خطت من قبل اشخاص مقربين من صاحب المذكرات ام من قبل المحقق ان وجد ، وكلا الامرين في النهاية سواء فنحن نتحدث في النهاية عن اشخاص لهم رؤى واجتهادات شخصية املتها الظروف المحيطة بهم والتي قد يجهلها القارئ لكنها تحدد طبيعة ونوعية المعلومات التي يتم تدوينها تكونت المذكرات من تمهيد تليه مقدمة بقلم نجدة فتحي صفوة (ص15-31) تضمنت عرضاً وافياً لسيرة محمد حديد بدءاً من ولادته في الموصل في 28 / 10 / 1907 الى حين وفاته في لندن في 3/ 8 / 1999 وهي تتضمن 20 فصلا مع فصل خاص ضم 9 ملاحق وتقسم الى قسمين ضم الاول الفصول (1-7) (من 35-299)وهي تشمل مرحلة ما قبل ثورة 14 تموز / يوليو 1958 في حين تبحث بقية الفصول (8-20) في المرحلة التاريخية والتي تنتهي بانقلاب 17-30 تموز ، يوليو 1968 . ولد محمد حديد في مدينة الموصل في 28/ 10/ 1907لعائلة ثرية ، اذ كان والده الحاج حسين حديد (1863-1958) من كبار تجار المدينة ، وقد اتاح له ذلك الفرصة لاكمال دراسته الثانوية في كلية ملحقة بالجامعة الاميركية في بيروت حيث دخلها في العام 1924 ليتخرج منها بعد عامين ويبدو ان طموحه العلمي قد تجاوز ماهو متاح له في العراق ، فقرر ان يسافر الى لندن لاكمال دراسته الجامعية فانتسب الى مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في عام 1928وهي احدى كليات جامعة لندن العريقة وفي حزيران / يونيو 1931 انهى دراسته مع مرتبة الشرف ، حيث تعين في ايلول / سبتمبر من العام نفسه في وزارة المالية بوظيفة مفتش مالي ، ولدى استقراره في بغداد شرع بالاتصال بزملائه السابقين في الدراسة ، ولعل من ابرزهم عبد الفتاح ابراهيم (1906-2006) وتم تداول الحديث عن استئناف نشاط (جمعية الشعبية) والتي شكلت في ما بعد نواة لجمعية (الاهالي وقد دون محمد حديد وباسهاب المراحل التي مرت بها الجماعة ومواقف الاعضاء المؤسسين والانشقاقات التي حدثت فيها واسبابها مع تقديم وجهة نظر الجماعة من الاحداث السياسية المختلفة ولعل ابرزها اشتراك بعض الاعضاء في حكومة حكمت سليمان (29/ 10/ 1936 - 17/ 8/ 1937 ) والتي انتهت باستقالتهم في 19 / 6/ 1937 بسبب الخلاف مع رئيس الوزراء ، والتي كان من اهم نتائجها اعتزال السياسي الوطني محمد جعفر ابو التمن (1881-1945) الحياة العامة . في حين قرر كامل الجادرجي (1897-1968) اعتزال المناصب الحكومية ، وتشكل هذه الاحداث اهم مواد الفصلين الثاني والثالث واللذان ينتهيان بعودة الاحتلال البريطاني المباشر عقب هزيمة الجيش العراقي في ايار / مايو 1941 . وفي خضم انشغاله بالشان السياسي لم يهمل محمد حديد الجانب الاقتصادي فخصص الفصل الرابع لهذا الموضوع والمعنون (في المجال الصناعي) تطرق فيه الى انشائه لمصنع الزيوت النباتية بالتعاون مع نخبة من التجار العراقيين منهم جعفر ابو التمن وكامل الخضيري وعبد الهادي الجلبي وغيرهم ثم يستعرض ظروف التأسيس وحفل الافتتاح برعاية الوصي وبعض اعضاء الوزارة . ولقد ترأس محمد حديد المصنع منذ تأسيسه وحتى 14 تموز يوليو 1958 باستثناء مدة 6 اسابيع شغل خلالها منصب وزير التموين في عام 1946 واذا كانت الفصول السابقة تطرقت الى جملة من الامور وان طغى عليها الشأن السياسي فان المذكرات تبدأ واعتباراً من الفصل الخامس توثق لمسيرة محمد حديد السياسية وفي واقع الامر ان هذا ما يهم . المؤرخ والقارئ العادي ايضا ، ذلك ان شخصية كاتب المذكرات قد ارتبطت في اذهان العامة بوصفه سياسياً وعضواً مؤسساً في واحد من اهم الاحزاب السياسية العراقية وهو الحزب الوطني الديمقراطي الذي تأسس في نيسان /ابريل 1946 وقد شرح محمد حديد وباسهاب في الفصول (5-8) كل ما يتعلق بنشاطات الحزب للمدة 1946-1954) وعلاقته بالسلطة وباحزاب المعارضة الاخرى ، وهي معلومات اراد بها الكاتب تبيان وجهة نظرة الخاصة وعدم ترك فجوة تاريخية ضمن الاطار العام للمذكرات ، اذ سبق ان تم التطرق اليها في عدد من مذكرات الساسة العراقيين منها مذكرات كامل الجادرجي كما قام عدد من الباحثين بدراستها اكاديمياً ومن ابرزهم د. فاضل حسين الذي كان احد منتسبي الحزب ، وهو ما يقودنا الى السبب الثاني ومفاده ان محمد حديد كان من ضمن نخبة من الساسة السابقين اهتمت وبشكل شخصي ومباشر بتقديم ارشيفها الخاص الى الباحثين وطلبة الدراسات العليا . لذا يندر ان نجد رسالة جامعية تمت كتابتها في عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي تخلو من اسماء مثل محمد صديق شنشل حسين جميل ، خليل كنه وغيرهم . شهدت مسيرة التطور السياسي في العراق تغييراً مفاجئاً بقيام ثورة 14 تموز يوليو 1958 وهو ما دفع بمحمد حديد الى تخصيص الجزء الاكبر من كتابه لدراستها ضمن الفصول من (8-18) وبدأها بمعلومة مفادها انه التقى بعبد الكريم . قاسم مرة واحدة في عام 1956 ولم يتعد اللقاء حدود المجاملات ، و

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram