اذا استعرضنا نشأة وتطور اسواقها التجارية منذ ان فتحها العرب بقيادة ربعي بن الافكل سنة 16 هجري 637 ميلادية حتى يومنا هذا وجدنا انها قد مرت بادوار مختلفة وانها على وجه العموم قد انتشرت في المراكز الحيوية للمدينة. كما اختص البعض منها بنوع معين من البضاعة والبعض الاخر لايزال قائما في المكان الذي نشا فيه محتفظا بالاسم الذي اطلق عليه للمرة الاولى وهذا مايضفي على المدينة مسحة تاريخية .
وكمثل على هذه الاسواق التي لازالت تحتفظ باسمائها (سوق الشعارين) فقد ذكر هذا الاسم منذ القرن الاول الهجري ويقع الى الجنوب من دار الامارة المجاور للجامع الاموي انذاك جامع المصفى في الوقت الحاضر وكان يباع في هذا السوق مايحتاجه الجيش من حبال وخيام وهو يمتد في الوقت الحاضر من جامع النبي جرجيس الى التقاء هذا الشارع مع شارع نينوى . ومن الاسواق القديمة التي بقيت محتفظة بأسمائها الى وقت يقل عن ربع قرن مضى (جهار سوك) او( شهر سوق) وهو من الاسواق الكبيرة والمهمة داخل المدينة وقد ذكر هذا الاسم منذ القرن الرابع الهجري ولما فتح شارع الفاروق في قسمه المحصور بين منطقة الساعة وباب الجديد واستكملت بلدية الموصل عددا من دكاكينه ودخلت مساحاتها في الشارع المذكور وفي سنة 1954 استكملت البلدية ماتبقى منها وانشات حديقة صغيرة على هذا الشارع ومازالت المحلة تحمل اسم السوق الذي كان يقع فيها يومذاك . وكمثل على هذه الاسواق القديمة التي لازالت تحتفظ باسمائها القديمة الى يومنا هذا سوق(السرج خانة) او (السراج خانة ) فقد عرف بهذا الاسم منذ العهد المغولي وكان يباع فيه السروج التي تحتاجها الخيول وهو الى يومنا هذا من الاسواق الكبيرة المختصة ببيع الاقمشة المختلفة والكماليات المتنوعة واغلب رواده من النساء ولازالت المحلة تحمل اسم السوق الذي يقع فيها . ولقد وصلتنا اسماء اسواق قديمة اخرى وعرفنا مواقع البعض منها الا ان الزمن عفي عليها ولم يعد لها ذكر في عصرنا هذا . ومن الاسواق سوق القتابين لبيع قتب الابل وسوق السراجين وسوق الاربعاء (كان يعقد في كل يوم اربعاء من كل اسبوع) وسوق التركمان هذا بالاضافة الى عدد من الاسواق والقيسريات المشهورة وما كان يحوي كل منها من دكاكين كثيرة . والاسواق شأنها شأن بقية مرافق المدينة التي تختص بها فهي تستمد حيويتها من حيوية المدينة ولقد مرت على الموصل عهود مظلمة قاسية انكمشت فيها صناعاتها وتعطلت تجارتها واجدبت اراضيها الزراعية فاقفلت الاسواق ابوابها ولعل احرج هذه العود واطولها عمرا هي تلك التي اعقبت سقوط بغداد بيد هولاكو سنة 656 هجرية 1258 ميلادية . على ان ما نشاهده في الموصل في الوقت الحاضر من اسواق قديمة يمكن ارجاع مبدا إعادة نشاة وتطور عدد منها الى مايقارب من اربعة قرون مضت وقد توزعت هذه الاسواق في اماكن متعددة من المدينة وانحصر عدد منها في منطقة معينة فكون سوقا كبيرا اطلق عليه اسم السوق الكبير لوقوعه امام سراي الحكومة في العهد العثماني فقد اطلق عليه اسم (سوق باب السراي) وهي التسمية التي ترجع الى ما قبل الحرب العالمية الاولى ويعتبر هذا السوق من اكبر واشهر اسواق الموصل في الوقت الحاضر ويقع موقعه وسط المدينة بالتحديد..
اسواق الموصل القديمة .. تاريخ في سطور ..
نشر في: 31 يناير, 2010: 06:31 م