إعداد/ المدى الاقتصادياليابان تحتل المركز الثاني عالميا بعد الولايات المتحدة من ناحية حجم الناتج المحلي الإجمالي الذي هو الفارق بين ما تصدره الدولة و ما تستورده من سلع و خدمات حيث تشكل التجارة اليابانية 7% من التجارة العالمية، فيما تحتل اليابان المركز الثالث عالميا من ناحية القدرة الشرائية للأفراد بعد أمريكا والصين.
ما أوصل اليابان إلى هذه المراكز المتقدمة على الصعيد العالمي هي الصناعات خاصة الثقيلة منها التي تشكل العصب و المحرك الأساسي للاقتصاد حيث تعد اليابان أكبر منتج للحديد و الصلب و السيارات و السفن في العالم، فعلى الرغم من أنها لا تمتلك العديد من الموارد الطبيعية إلا أنها تستورد المواد الخام و تقوم بتحويلها إلى مواد أولية و من ثم بيعها و تصدريها.وهذا التنوع الكبير في الصناعات اليابانية و درجة التنافس الكبيرة التي حققتها مختلف الشركات اليابانية على الصعيد العالمي من خلال الجودة العالية التي قدمتها على مر السنين حتى تلك المتخصصة بالخدمات إذ أن قطاع الخدمات بات يشكل ثلاثة أرباع الاقتصاد لتصبح بعض من شركات الخدمات رائدة في العالم أبقت اليابان من أكبر القوى الاقتصادية عالميا، إذ أن البنك المركزي الياباني الآن يمتلك ثاني أكبر احتياط في العالم بعد الصين.ولكن الأوضاع لم تكن دائما كذلك، حيث مرت اليابان في أوقات صعبة خلال فترة الحرب العالمية الثانية، حيث سخرت فيها كل طاقاتها وازدهارها التي كانت قد حققتها بدءاً من أعوام 1868 مع حقبة الإمبراطور Meiji الذي طور نظام التعليم و أسس النظام الصناعي في البلاد، إذ عاد الظلام يخيم على سماء البلاد وأهم المعالم كانت الدمار، البطالة و التضخم.فبعد الحظر النفطي الذي وضعته الولايات المتحدة على اليابان بعد أن غزت أجزاء من الصين في عام 1937 لتدوم الحرب بين اليابان و الصين حتى 1945، قامت اليابان في السابع من كانون الأول من عام 1941 بشن هجوم على بيرل هاربر في الولايات المتحدة معلنة الحرب ضدها لتكون نقطة دخول أمريكا في الحرب العالمية الثانية.وفي عام 1945 بعد أن أطلقت الولايات المتحدة القنبلة النووية على هيروشيما وناجاساكي قامت اليابان بالاستسلام من غير شروط، لتبدأ حقبة الاحتلال الأمريكي الذي دام من 1945 إلى 1952 إذ تم في غضون هذه الأعوام إنشاء دولة ديمقراطية بينما أنفقت الولايات المتحدة 1.9 بليون دولار لإعادة البناء، و لكن الحرب العالمية الثانية تركت جروحاً عميقة في اليابان التي خسرت ملايين الأرواح بينما شهد الاقتصاد الياباني تدمير 40% من البنية التحتية له فيما تبددت غالبية الثروات التي تم جمعها في العقود السابقة للحرب. و لكن هذا الدمار حفز اليابانيين على توجيه كل طاقاتهم من أجل إعادة بناء الدولة سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا خاصة أنهم كانوا يمتلكون بعض الخبرات من السابق، لذا ففي غضون أعوام قليلة و حتى منتصف الخمسينيات تم تطوير الصناعات بأفضل التكنولوجيات لتكون السلع و المنتجات ذات جودة عالية إذ كانت خاضعة لرقابة صارمة في كل مراحل الإنتاج ما حسن من سمعتها في الأسواق العالمية.و في أعوام الستينيات التي اعتبرت الأعوام الذهبية بعد أن فتحت اليابان أبوابها إلى السوق العالمي تم تطوير أنواع جديد من الصناعات مثل السيارات، الكيماويات، السفن و النسيج خاصة مع السياسة التي اتبعها رئيس الوزراء Ikeda Hayato الذي كان له دور فعال رئيسي في عودة انتعاش الاقتصاد الياباني الذي وصل إلى نمو بنسبة 13.9% عندما ترك منصبه، حيث أقبل على تخفيض الفائدة و الضرائب من أجل تشجيع الاستهلاك، زيادة الإنفاق الحكومي على تطوير البنية التحتية و بعض من سياساته ما تزال متبعة إلى الآن، إذ تم حينها تحقيق المعجزة الاقتصادية ففي عام 1965 وصلت قيمة الناتج المحلي الإجمالي إلى 91 بليون دولار.وأيضا زيادة الاستثمارات في مختلف القطاعات خاصة الطاقة و الصناعات التحويلية و المواصلات، بينما تم تطوير النظام التعليمي ليسهم في توعية اليابانيين لتتشكل قوة عاملة فعالة، قوية وذات مهارة عالية ساهمت بشكل رئيسي في تحسين مستويات الإنتاج بعد أن انتقلت شيئا فشيئا من القطاع الزراعي إلى قطاعات أخرى، في حين تم تنويع مجال عمل الشركات و تم تحرير التجارة لتصبح أكثر تنافسا على الصعيد العالمي و هكذا عادت مستويات الإنتاج في منتصف أعوام الخمسينيات في اليابان إلى سابق عهدها، بل وأفضل.ومن خلال السمعة التي اكتسبتها السلع و المنتجات اليابانية زادت ثقة المستهلكين العالميين فيها و بما أن الأسعار كانت أقلاً شهدت اليابان ارتفاعاً حاداً في الصادرات فاقت الواردات خاصة إلى الولايات المتحدة التي وصلت إلى 20.0% من 2.0% لتصبح أكبر سوق للمنتجات اليابانية حتى يومنا هذا، وهكذا ما بين أعوام 1953 و1965 شهدت اليابان نمواً في الناتج المحلي الإجمالي فاق 9.0%، أما في أعوام 1970 و1973 تم تطوير قطاع الخدمات الذي بدأ يعادل الصناعات في أهميته.rnأزمة النفط بما أن اليابان كانت قد أصبحت من كبرى بلدان العالم صناعيا و كان اعتمادها على النفط المستورد كبيراً فإن أزمة النفط لعام 1973 التي استمرت حتى 1986 زعزعت الاقتصاد الياباني و خاصة الصناعات بشدة، حيث بدأت هذه الأزمة في 15 من تشرين الأول من عام 1973 بعد أن قامت منظمة أوبك
الاقتصاد الياباني ما بعد الحرب العالمية الثانية
نشر في: 1 فبراير, 2010: 04:47 م