اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > الصناعة العراقية وضرورة الارتقاء بها

الصناعة العراقية وضرورة الارتقاء بها

نشر في: 1 فبراير, 2010: 04:49 م

 خالد عبد الاميرالصناعة من أهم مقومات البناء الاقتصادي لأي دولة، وتعتبر مقياساً لتقدم الدول أو تأخرها، وعلى التقدم الصناعي صنفت الدول إلى دول متقدمة و دول نامية.والصناعة اليوم في العراق تعاني من الإهمال والتهميش، وتجريدها من أسباب ديمومتها، وعدم إعطائها دورها الحقيقي في بناء الاقتصاد الوطني.
لقد كانت لأوامر الحاكم المدني (بول بريمر) بعد سقوط النظام السابق  أوامر تحرير السوق، أثرها في خلق الفوضى الاقتصادية التي ما زلنا وبعد أكثر من ست سنوات نعاني من فوضويتها، وما زال السوق العراقي يعمل من دون ضوابط أو قوانين تنظم عمله.في ظل هذه الظروف انحسر دور الصناعة العراقية لعدم قدرتها على المنافسة في ظل ظروف السوق الحالية.وقد يتساءل البعض، هل لعدم كفاءة الخبرات العراقية دور في تراجع الصناعة العراقية؟ وهل لان الصناعيين العراقيين لم يعد باستطاعتهم مواكبة التطور التقني والتقدم التكنولوجي الهائل في العالم؟للإجابة على هذين السؤالين يجب تشخيص أسباب التراجع، ولنعد إلى بداية السبعينيات التي شهدت نهوضاً صناعياً كبيراً، حين وضع الخبراء الاقتصاديون خططاً مستقبلية للقطاعين العام والخاص، ووضعوا الأسس القوية والمتينة لترصين الصناعة الوطنية، لتقليل حجم الاستيرادات وسد الحاجة المحلية من المنتجات والسلع ذات الكفاءة العالية، لتكون قادرة على منافسة المنتجات المستوردة ذات الماركات العالمية الشهيرة. وقد نشأت في تلك الفترة صناعات وطنية اكتسبت ثقة المستهلك العراقي لما تتمتع به من مزايا الجودة والسعر، فكانت تلك الفترة هي فترة البناء الاقتصادي وبناء ركائز البنى التحتية للصناعة العراقية، وإبداع العقل العراقي في مختلف مجالات الصناعة.ولكن الظروف غير الطبيعية التي مر بها العراق هي التي أثرت على مستوى الصناعة العراقية، فالسياسة الهوجاء التي اتبعها النظام السابق أتت سلباً على الاقتصاد العراقي ككل، فالحرب العراقية – الإيرانية عام (1980) قد سخرت كل الطاقات لخدمة المجهود الحربي والتصنيع العسكري وإهمال الصناعات المدنية الأخرى، ثم جاء احتلال الكويت وما نتج عنها من عقوبات اقتصادية دولية عام (1990) التي دمرت البنى التحتية للصناعة العراقية، وأدت إلى هروب العقول ورؤوس الأموال المحلية، فيما بقيت بعض صناعات القطاع العام والخاص تعمل وفق متطلبات السوق الجديدة، من انخفاض القدرة الشرائية وتدهور العملة المحلية، حتى أصبح لزاماً عليها إنتاج سلعاً رخيصة الثمن وبكفاءة اقل ليتمكن المستهلك العراقي من اقتنائها.وبعد سقوط النظام السابق عام ( 2003 ) انفتحت الأسواق العراقية على مختلف أسواق العالم، وقد أغرقت السوق العراقية بمختلف السلع الرديئة النوعية والرخيصة الثمن، في الوقت الذي لم تعد الصناعة العراقية قادرة على العمل ليس لعدم قدرتها على المنافسة، لكن لعدم توفر ظروف العمل المناسبة، فالوضع الأمني الذي أعقب السقوط وقلت الخدمات، والتضخم، كلها ساهمت في رفع كلفة الإنتاج، واتجه معظم أصحاب رؤوس الأموال إلى العمل في القطاع التجاري واستغلال الفراغ القانوني الذي ينظم السوق. ولكم يدهشنا عندما تتعالى أصوات تفتقر إلى الخبرة الاقتصادية أو الحس الوطني، والتي تمثل شريحة معينة من الطارئين على القطاع التجاري، الذي سخر هذه الفوضى لمصلحته الشخصية ومن دون التفكير بالضرر الاقتصادي للدولة أو المستهلك وامتداح هذه الفوضى بذريعة أنها (التجارة الحرة)، وعدم قدرة الصناعة العراقية على المنافسة، فهل البضائع التي غزت الأسواق العراقية قد خضعت للتقييس والسيطرة النوعية كما المنتجات العراقية تخضع لها. وكما أن هناك أصوات تدعو لعدم دعم الدولة للصناعة الوطنية لأنها تشكل عبئاً عليها فهل العبء الذي يشكله دعم الدولة للصناعة هو اكبر من الذي تقدمه ألان لإعانة العاطلين عن العمل؟وهل توجد دولة في العالم لا تدعم صناعتها حينما تتعرض لظروف منافسة قد تفقدها أسواقها؟على الدولة اليوم بهيئاتها التشريعية والتنفيذية، أن تنظر إلى الصناعة نظرة اقتصادية جادة وإقرار القوانين التي تحمي الصناعة الوطنية، ووضع الخطط الكفيلة بالارتقاء بها، باعتبارها إحدى مقومات البناء الاقتصادي، ورافداً من روافد الدخل القومي، والتخلي عن السياسة الاستيرادية الاستهلاكية، والاتجاه لدعم الصناعة بقطاعيها العام والخاص، فهي السبيل الوحيد لخفض نسبة البطالة ورفع المستوى المعيشي للمواطن العراقي، إنعاش الدخل القومي وتحقيق التكامل الاقتصادي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram