عبد الزهرة المنشداويقد تراه في منطقة البياع وتراه في مدينة الصدر وايضا في البصرة . المواطن( علي )ابن الثامنة عشرة شاب طويل القامة, ونحيف شاحب اللون ومريض بلا علاج . احيانا يضحك من دون مبرر مع ان الاولى به ان يكون اشد حزنا مني ومنك للحياة الصعبة التي مر بها . اختفى والده ولم يبلغ بعد الثمانية اشهر من عمره. مات جده لابيه على قارعة الطريق ينتظر عودة ابنه الغائب ولكنه مات ولم ير عودته.
 قيل سلطات النظام البائد القت عليه القبض، ومن يومها لم يعثر له على اثر, بعدها تزوجت والدته من اخر ولم يمكث معها. بقي محلقا ما بين بيوت الاقارب ,التجأ برهة من الزمن لبيت عمته لكنه لم يمكث عندها طويلا وعمل في مخبز يتقاضى اجرا يبلغ عشرة الاف دينار ولكن لساعات عمل تمتد من الصباح الى صباح اليوم التالي فتركه غير آسف فكانت وجهته بيت اولاد الخالة . الضحك غير المبرر الذي يبدر منه استدعى قريبا له لأن يعرضه على اختصاص في الامراض النفسية فتبين بأنه مصاب بالانفصام وهو مرض نفسي ليس من الهين علاجه اضافة الى تكلفة العلاج التي قد تبلغ ما يقرب من الثلاثين الف دينار شهريا . عمته الان في سبيل البحث له عن تعويض مالي اسوة بذوي المفقودين الذين غيبهم النظام البائد ولكنها اقرب لليأس منها للامل في الحصول عليه من اجل الابن المريض . يقولون شر البلية ما يضحك البعض ممن يعرفونه ويعرفون عائلته يدفعون له ثمن العلاج ولكن ليس باستمرار والذي يحدث ان العلاج ادوية تخصصية على شكل (حبوب) ينفد قبل موعده بأيام عديدة وتبين فيما بعد انه عندما يذهب ليبيت في بيت قريب له يستولي ابناء القريب على العلاج فيلتهمونه منه .! هؤلاء وجدوا في علاجه نوعاً من المخدرات او ادوية الهلوسة التي تجعلهم في عوالم وملكوت غير الذي يعيشون فيه لذلك دائما ما يستدرجونه للمبيت معهم. الكثير منهم على شاكلة المواطن علي وبالمقابل تجد منظمات انسانية ومؤسسات صحية تعلن عنها تبنيها قضايا المواطنين الممتحنين في مصائب ونوازل ليس بمقدورهم تجاوزها .والسؤال هنا يطرح نفسه علي احوج ما يكون الان الى الدولة ومؤسساتها ومنظمات المجتمع المدني ودعوتها الى موقف اجتماعي من هكذا ظواهر تعطينا الفرصة لاثبات اخلاقيتنا ودعوتنا لمساعدة الضعيف والضعفاء والوقوف معهم ومن منطلقات لا حصر لها دينية ووطنية واخلاقية وانسانية وحقوقية . علي ومن على شاكلته هل سيحظون بجزء واحد من ثروة الدولة التي تغدق على الكثيرين برواتب شهرية يمكنهم من خلالها قضاء اجمل ليال وليال في (مونت كارلو ولوس انجلس )مع ان البعض منهم يتقاضى الراتب ولايبذل جهدا وليس لديه المؤهل او الخبرة او الكفاءة. هذه الاسئلة دائما ما تطرح نفسها. اذا كان التغيير الذي حدث في العراق بعد الرابع من نيسان عام 2003شمل شريحة دون غيرها بالاموال والقصور فما هو الأجدر بالتغيير المطلوب؟! كنا نحسب طبيب التغيير سيخضعنا جميعا للعلاج والفحص ليصف لنا الادوية والعقاقير المضادة للفقر والفاقة والمرض لكنه اتضح يصف الفيتامينات لذوي الكروش المندحقة .