جاء في البيان الاول الذي بثته اذاعة بغداد باسم "المجلس الوطني لقيادة الثورة، صباح 8 شباط ان الحركة الجديدة ستعمل على زيادة قدرتنا المالية وضمان ان يستمر تصديرالنفط"، واعلن قادة الانقلاب ان حقوق شركات النفط ستحترم وسيسمح لها ان تواصل عملياتها، هكذا، اصبح واضحاً من البداية ان الانقلاب يحظى بمباركة وتأييد شركات النفط الاجنبية وكانت شركة نفط العراق (IPC)
رفضت القانون رقم 80 (كانون الاول 1961) الذي قصر حقوق امتياز الشركة بالمنطقة التي تخضع فعلاً للاستثمار وهي لا تزيد على (0.5) في المئة من مناطق الامتياز الاصلية التي كانت تغطي عمليا كل العراق، واحتفظ للدولة العراقية بكل الحقوق في الـ 99.5 في المئة المتبقية من اراضي البلاد. ومنذ انهيار المفاوضات بين حكومة قاسم وشركة نفط العراق، في تشرين الاول 1961 كانت شركات النفط تناور لالغاء القانون 80 وكان احد اهدافها الرئيسة استعادة حقل شمال الرميلة حيث اكتشفت كميات وفيرة من النفط، ولكنها تركت من دون استثمار وسعت في الوقت نفسه الى ابقاء حجم الانتاج النفطي في عامي 1961 و1962 دون تغيير، بينما كان انتاج البلدان الاخرى المصدرة للنفط يرتفع بسرعة وادى ركود انتاج النفط الى ركود في عائداته، وخلق بالتالي مشاكل اقتصادية للحكومة العراقية. بعد وقت قصير من الانقلاب ، استؤنفت المفاوضات من قبل الحكام الجدد، وكان لدى شركات النفط آمال كبيرة في التوصل الى اتفاق مؤقت ، ولكن برغم التوصل الى حل وسط مؤقت في حزيران 1963 ، تبين ان القانون رقم 80 خطوة لايمكن إلغاؤها، فشعبية القانون وسط العراقيين جعلت الحكام البعثيين لايجرأون على الغائه وكجزء من الاتفاق المؤقت ، رفعت شركة نفط العراق، حجم انتاج النفط حتى بلغت عائداته، 186.2 مليون دينار خلال الاشهر التسعة الاولى من عام 1963 ، أي بزيادة 13.8 في المئة بالمقارنة مع الفترة ذاتها، من 1962 واسهمت هذه الزيادة في التعويض عن الانخفاض في الدخل القومي من قطاعات اخرى من الانتاج المحلي، خصوصا في الانتاج الصناعي والزراعي. rnمن دون لف او دوران (5) وقفات مع بيان رقم (13) احمد سالم الانباري وقفة رقم (1) البيان رقم (12) اصدره انقلابيو الثامن من شباط عام 1963، وهو بيان لايكفي استباقه او تأثيثه (كما يقول التشكيليون) بعبارة (سيئ الصيت) لان صيته اكثر من سيئ ليس لكونه ارتبط ببركة دم وولد على ضفافها قبل سبعة واربعين سنة، بل لأنه تواصل كبرنامج للسلطة منذ ذلك الوقت، ففي كل عام يحتفل اصحابه ببركة دم اخرى من دماء الشيوعيين، فهو بهذا المعنى ليس حدثاً في الماضي، بل حدث يتناسل في سجل السلطة، حتى يكف دم الشيوعيين العراقيين عن ان يكون رخيصاً، وان يهدر بدون عقاب. rnوقفة رقم (2) يقول بيان رقم 12 ما يلي: نظرا لقيام الشيوعيين العملاء، شركاء عبد الكريم قاسم في جرائمه بمحاولات بائسة لاحداث البليلة في صفوف الشعب، وعدم الانصياع الى الاوامر والتعليمات الرسمية فعليه يخول آمرو القطعات العسكرية وقوات الشرطة والحرس القومي بابادة كل من يتصدى للاخلال بالامن، واننا ندعو جميع ابناء الشعب المخلصين للتعاون مع السلطة الوطنية بالاخبار عن هؤلاء المجرمين والقضاء عليهم". تلزم امانة البحث هنا ان نتوقف عن ست كلمات هي: (العملاء) ،(البلية) ،(الاوامر) ، (الحرس القومي)، (ابادة) ،(القضاء عليهم) فقد اصبحت هذه الكلمات مفاتيح لثقافة القمع والملاحقة لقطعان مغمضة العيون والافئدة. rnوقفة رقم (3) افتتح بيان رقم 13 ترجمته بغارات على احياء بغداد والمدن الكبرى، فاستقبلت احياء الاكراد في بغداد، والمحيط في الكاظمية والشاكرية في ضواحي العاصمة، والجمهورية في البصرة، وبيوت الحجر الواطئة في الموصل، وامام قاسم في كركوك مجموعات مسلحة متعطشة للدماء.. ثم فاض نهر الدم في كل اتجاه. وفي المعتقلات التي ازدحمت بالشيوعيين والديمقراطيين والمستقلين معا من العرب والكرد والتركمان والآشوريين تكونت جبهة وطنية يبدو انها كانت مؤجلة التشكيل حتى هذا اليوم، فقد تعذر قبل هذا، ان تستعيد جبهة الاتحاد الوطني التي حلت بعد شهور من قيام ثورة تموز انفاسها، وتناثرت اشلاؤها ، غير ان الفاشلين، وهذه فضيلتهم الوحيدة – حشروا ممثلي الجبهة في علبة القمع وضيقوا على سقفها لتصهرهم في موقف واحد. وقفة رقم (4) بعد اشهر قليلة من الانقلاب الدموي تخاصم جناحا الانقلاب (البعثي – القومي) فأكلت السمكة الكبيرة اختها الصغيرة (لتتوسع جبهة الشعب بممثلي ضحايا جدد) وانفرد حزب صدام بالسلطة ليجد نفسه بعد عشرة اشهر من الانقلاب متناحر الاجنحة، وقد اتضح ان القطار الاميركي الذي حمل الانقلابيين في ذلك اليوم الى وزارة الدفاع ضاق بهم ويئس من امكانية الاستقواء بهم، فتركهم في اقرب محطة يتقاتلون ليختار آخرين من هامش المشهد ذوي صفحات معينة وروح متعطشة للدماء ومسكونة بالمغامرات والطموحات الشخصية العمياء، فكان صدام حسين الذي اعاد الثقة لسائق القطار ليعود به الى وزارة الدفاع مرة اخرىن هراوة للشعب العراقي الخارج عن الطاعة، ولجيران العراق اذا ما خرجوا على النص. rnوقفة رقم (5)الدور الذي لعبه الزعيم عبد الكريم قاسم في تفجير ثورة تموز وفي تسهيل الطريق للانقلابيين ليس موضع شك، لكن الامر يحتاج
الانقلاب والنفط
نشر في: 7 فبراير, 2010: 05:15 م