نزارعبد الستارلا نتوصل، في كل ما نتابعه على وسائل الاعلام، الى ملامح واضحــة للسيـاســة العراقيــة، فالاعــلام فــي اغلبه لا يعدو ان يكون صورة دعائية، وكل الحوارات التي تدور فضائيا هي توصيفية واجرائية اكثر منها توضيحية واستقرائية. ما يثير القلق في الوسائل المرئية هذه الساعات المتتالية من الكلام الذي يركز في مجمله على الازمة ويتفرع فيها بل ويحلل مسالكها الادارية وتنقلاتها الروتينية.
واذا ما راقبنا ما يقوله النواب على شاشات التلفزيون فلن يمكن للمشاهد ان يتوصل الا الى صورة مشوشة عن الهيكل التنظيمي والاداري للبرلمان فالجميع يتحدثون عن المراحل وعن القوانين وعن اليات التصويت واليات الاتفاق والاجتماعات وتكاد الازمة في كل تعنكباتها هي الصبغة الاساس والعلامة الاكثر بروزا، ونراها تهيمن، ليس فقط على الفن الاعلامي، وانما على النشاط السياسي برمته. لا نلمح في سياسيينا القدرة على التناظر والشحذ العاطفي ولا نراهم يهتمون بالتركيبة النفسية للناخب بل نجدهم يحركون النزعة التوترية التي تغلب على المواطن وسلوكه في الشارع. ان بلدا كالعراق هو من المنظور النفسي بلد تعقيدات ومشكلات، وتكاد الصفة المتشنجة هي الغالبة في كل تعاملاتنا الحياتية والغريب ان السياسي لا ينتبه لهذا ولا يحاول صناعة خطاب رومانسي حالم وانما يعمد الى اثارة التوتر من خلال الانفعالات والصوت المرتفع والتعقيد الاجرائي والخوض في تفاصيل قانونية وشحذ المسننات الخلافية لبتر الامل وخلق صورة معتمة. لاشك اننا نعاني من الافتقار الى الثقافة السياسية والى بنية فكرية استرخائية ورؤية افقية. كما اننا تعاني من هيمنة الازمة كمدخل للتعاطي السياسي واذا ما تتبعنا الفصول التشريعية والتنفيذية فسنجدها تركز على الاختلاق الخلافي بالاستناد إلى الثغرة القانونية او التفسير القانوني الملتبس بل وصل الامر الى التشكيك في عقلانية الدستور واهليته وهذا الامر يعد تطورا لما شهدته البلاد من اعمال عنف في السنوات الماضية ويبدو ان المسار السياسي في اعتماده على مبدأ خلق الازمة يتجه الى تفكيك القانون وان الصراع السياسي يمر الان بدورة حياة اخرى لكنها دورة لاتقل خطورة عن الانفلات فاعتبار الازمة شكلا سياسيا تنافسيا ومضمارا للتباري هو بالضد من القانون الذي يجب ان يحافظ على قداسته ويجب ايضا ان تكون للسياسي القدرة على رسم الابتسامة وتبنيها كنهج سياسي.
ترسيــم :سياسة الابتسامة
نشر في: 7 فبراير, 2010: 05:18 م