TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > خارج الحدود :أولاد القذافي وصراع خفي على الوراثة

خارج الحدود :أولاد القذافي وصراع خفي على الوراثة

نشر في: 7 فبراير, 2010: 06:35 م

حازم مبيضينمدهش أن نكتشف اليوم أن في جماهيرية العقيد الليبي معمر القذافي تيارات يمكن تصنيفها بالمحافظين الذين يقال انهم ما زالوا يرتابون بشدة من التدخل الاجنبي، وتلاشت آمالهم بأن رفع العقوبات سيعني انفتاحا سياسيا أكبر وروابط تجارية أعمق، والإصلاحيين المبتهجين بتسمية القذافي نجله سيف الاسلام الذي تفاوض من أجل رفع العقوبات عن ليبيا منسقا للقيادة الشعبية الاجتماعية،
 المتكونة من زعماء التجارة والنقابات والسياسة والتي نشأت في الاصل لخدمة المصالح القبلية التي تمثل العنصر الرئيسي لنظام حكم العقيد، وينظر الليبيون الى هذا التجمع باعتباره أقل فساداً من بقية مرافق الدولة . سيف الاسلام يتدلل على المنصب وهو لم يمارس بعد مهامه، ويصر على اعلان اعتزاله الحياة العامة، في حين يسعى لكسب الوقت ليبدأ من موقع قوة مهماته في ادارة الشؤون الداخلية للبلاد، لكنه قبل ذلك يحتاج لكسب دعم المواطن العادي ليتمكن من مواجهة الحرس القديم أو المحافظين، مثلما يحتاج لتأييد شخصيات نافذة في النظام، الذي يرى حاجته لحرية سياسية أكثر وشفافية في المؤسسات الحكومية، وهو يعرف حجم العداء لما يعلنه، ومفيد أن نتذكر تلقيه لضربة ايقاف صحيفتين تابعتين لمؤسسة الغد التي ساعد على تأسيسها. بعد نشرهما مقالات عن وجود فساد رسمي، إضافة لسيطرة الحكومة على قناة الليبية التابعة لمؤسسة الغد، ويعلن متابعون للشأن الليبي ان هذه القرارات اتخذت لأن كثيرا من المؤسسات والشركات المرتبطة بسيف الاسلام كان لها أداء متدن وعادة ما كان ذلك أسوأ من القطاع العام فيما يتعلق بالادارة والنزاهة والافتقار الى الحرفية. في موازاة سيف الاسلام برز دور شقيقه معتصم الذي يتولى منصب مستشار الامن القومي وهو قد ظهر في الحياة العامة بشكل نادر في واشنطن العام الماضي ليجري مباحثات سياسية مع وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون وهو في العادة أقل ميلا من شقيقه للدعاية والظهور الإعلامي، لكن المهم اليوم ان معتصم يمكن أن يقدم للعالم الغربي ما يريده في اطار التعاون الامني ضد الارهاب معتمداً على قوته اﻻمنية والعسكرية القوية للمعتصم، الذي يبدو متفهماً لطبيعة النظام الذي تفضل الدول الغربية ان يسود ليبيا بعد والده، ومع ذلك فانه لم يتحدث ابدا عن رؤاه لمستقبل البلاد. في جماهيرية العقيد يأكل التضخم الدخل وتخفق الحكومة في تحسين أحوال المعيشة، وأسواق الدولة لا تطرح سوى الحاجيات الأساسية، والمدارس في مستوى متدن، والمرافق العامة والبنوك عفا عليها الزمن، والبيروقراطية مستشرية، لكن ارتفاع الدخل النفطي يساعد على تمويل الرواتب الحكومية التي تذهب للمحظوظين لينفقوها على شراء سيارات ذات دفع رباعي وحاجيات استهلاكية فاخرة، وهناك بؤرة استقطاب واحدة تتمثل في شخص العقيد الذي استمال عدداً من الزعماء القبليين والعسكريين، ومنحهم وظائف مربحة دون ممارسة عمل في نظام " اﻻشتراكية الاسلامية " الذي اخترعه الزعيم الليبي ويعارض هؤلاء بشدة أي تغيير يهدد نفوذهم اﻻقتصادي، وقبل هؤلاء أن يتصدى سيف الاسلام لاقناع الغرب بتطبيع العلاقات مع جماهيرية والده فقط لقناعتهم بأن هذا سيؤدي إلى رفع العقوبات وتحسين معيشتهم أكثر مما هي عليه الان ، أما وقد نجح الفتى في ذلك فان فائدته لم تعد كما كانت وهو لايستحق التأييد بما يطرحه من افكار استهلاكية إصلاحية. واقع الأمر انه ليس هناك لااصلاحيون ولا محافظون، وان الأمر يتركز على صراع الوريثين المعلنين حتى اليوم، ويسعى كل منهما لحشد المؤيدين، بانتظار بروز الوريثة التي تسعى من وراء دعم بعثيي صدام الى لعب دور قومي يتيح لها وراثة لقب امين القومية العربية الذي كان في يوم من الايام فخر والدها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram