علي القيسيقبل ايام اعلن محافظ البصرة عن غلق مصنع الورق في المحافظة، بعد ان اوعزت وزارة الصناعة والمعادن بختمه بالشمع الاحمر بمسوغ لا يقنع الوزارة نفسها والمسؤولين عنها وهو "ان استيراد الورق افضل من انتاجه" !!. من دون الالتفات الى ان المصنع يضم نحو 2800 عامل وفني من اهالي البصرة و1400 مثلهم من اهالي العمارة فضلا عن اعداد اخرى متكّسبة من حركة العمل في المصنع الذي انشئ قبل اكثر من نصف قرن في منطقة قريبة من الاهوار
ومن المادة الرئيسة في الانتاج، هذا المصنع الورقي يعد اخر المصانع التي اغلقت ابوابها وسط وجوم الجهات المعنية وصمتها ، وذلك بفعل عملية الاغراق السلعي التي تعد من اكبر السلبيات المهيمنة على السوق اليوم ، بل السندان التي تحطمت عليه الصناعات المحلية ، لتحول في الوقت نفسه القوى البشرية، في ظل غياب الخطط التنموية الى عالة مشلولة تنتظر صدقات الوزارات المحسنة، وقد يبادرنا سؤال حيوي يشغل مساحة واسعة من تفكير المعنيين والمهتمين بالشأن المحلي ، وهو بلا شك يعدّ الشغل الشاغل لجهات سياسية عديدة، تجد من مصلحتها -ونحن نقترب من موعد البدء بماراثون الانتخابات النيابية - الاجابة عليه ، وهو ما الذي يرهق الواقع المعيشي الراهن للناس ؟ خصوصا والدعايات الكبيرة للتعيينات بعد ان اوقفت اكثر من 115 الف درجة وظيفية تلك التي زرعت علامات اليأس والاحباط في نفوس الشباب خصوصا اصحاب الشهادات الجامعية ومن الذين تخرجوا ولم يجدوا حتى الان اي وظيفة حكومية، ما دعاهم الى طرق ابواب القطاع الخاص باستغلاله للطاقات والاجور الزهيدة. احسب ان واحدة من اهم العقد التي ادت نتائجها السلبية الى هذا التدهور تتمثل بالدرجة الاساس بتلك القرارات المتسرعة التي بموجبها تم ايقاف المعامل والمصانع الحكومية والاهلية، وتعليق العمل بها الى وقت غير معلوم. وعنها تشظت عقد عديدة اثقلت كاهل المجتمع وعرضت الكفاءات العلمية والفنية الى حالة البطالة والفوضى بل وساعدت على هجرتهم الى خارج البلاد، ليكونوا في الغربة لقمة سائغة لقوى معادية للتجربة الديمقراطية في العراق الجديد. ارى في بطالة عمال معمل الورق وموظفيه اسئلة حائرة في خضم حياة قاسية وما ترنو إليه عيون ابنائهم الى متطلبات العيش . سؤال صغير يقفز من عيون حراس المعمل الجاحظة قراته بإمعان كبير كأنه لافتة كونية تقول (الى الله المشتكى)!
كلام ابيض:بطالة أخرى
نشر في: 7 فبراير, 2010: 07:24 م