TOP

جريدة المدى > سينما > قضية للمناقشة :ترفك لايت ناطق!

قضية للمناقشة :ترفك لايت ناطق!

نشر في: 8 فبراير, 2010: 04:44 م

أفراح شوقيأكثر من مرة، استوقفتني تلك الصور التي غدت متشابهة في كل تقاطع مروري، حتى صارت العلامة الفارقة لشوارع بغداد، ولعل المزدحم منها- كما المعتاد- يحظى بصور اكثر غرابة، والحديث يخص شريحة الباعة الجوالين والمتعاقدين بعقد العوز الدائم في بلد الثروات الطبيعية،
فهم قرروا الترويج لبضاعتهم الجوالة والمحمولة في التقاطعات المرورية، ونقاط السيطرة ايضاً، بطرق مبتكرة لا يبالون فيها بأي حال من الأحوال باقتحام غفلتك وتأملاتك المجدية منها أو الفارغة ليمارسوا عليك طرق الترغيب والترهيب كلها، لا تخلو بعضها من (العيني والأغاتي والله يخلي راعي بيتك ويفرح جهالك وعمتك وخالتك ولا أعلم لماذا لا يقولون يفرح خيتك ؟؟) توسلاتهم تلك لا دخل لها بقوانين العرض والطلب بالتأكيد قدر تعلقها باستدرار عطفك وأنت المغلوب على أمرك بصعود الكيا، تماشياً مع حال جيبك المثقوب! أقول ان هؤلاء الباعة صاروا يبتكرون عرض بضاعة مسلية هذه الايام ولعلها مدعومة من قبل قواتنا الامنية، ضمن خطتها الشهيرة بفرض القانون، بهدف دفع السأم عن عباد الله ممن يقضون كل يوم ساعات وساعات في طوابير شوارع بغداد المغلقة منها او تلك المغتصبة بالصبات والحواجز الاسمنتية او الترهيمية. اطرف ما وقع امام بصري ذلك الرجل الستيني وهو يحمل مجموعة من عقارب وافاع وفئران متحركة ليست حقيقية بالطبع لكنها تتحرك يميناً وشمالاً تماماً مثلما تتلوى الحقيقية منها، وقد وجد الاطفال المحشورون في السيارات العالقة منها وسيلة للتفرج عليها، وبعضهم مارس فنون الضغط على اهاليهم لشرائها حتى هددوا بأعلان العصيان المدني في دولة الديموقراطية الجديدة! خصوصا اذا ما وقع نظرهم على بائع الالعاب في الجهة المقابلة، او حتى بائع البالونات والذي طور حجم بالوناته لتغدو بسعة مبالغ فيها، واتصور انها لو انفجرت لأحدثت صوتاً يشبه صوت العبوة اللاصقة! وما ان يبتعد قليلاً حتى يليه ابو المناديل الورقية وابو الموز والجرك والسمسمية والعلج واربع نساتل بألف وغيرها،وقد تصادفك فتاة لم تتعد الرابعة من عمرها تتولى مسح زجاج سيارتك بخرقة بالية وتنتظر ان تمد يدك الى جيبك وتنقدها بالمقسوم، وهكذا يتكرر عليك المشهد لاكثر من مرة في اليوم الواحد، وتتعطل عندها حواسك ومشاعرك امام جيش العاطلين هؤلاء...وكيف يمكن لتلك البطالة المقنعة ان تزول في وقت كنا نفترض فيه اننا تخلصنا منها للابد. اعتقد ان الامر لم يعد بحاجة لشرح او توضيح للسادة المسؤولين ولمن يهمه الامر ولمن لا يهمه، بالقدر الذي يوضح بطريقة لا تقبل النقد ان السنوات الأخيرة من عمر البرلمان والحكومة الجديدة بكل تشكيلاتها وتحالفاتها لم تستطع ان تقدم حلاً شافياًً لمشكلة هؤلاء وغيرهم ممن يعملون يوماً ويفترشون الرصيف عشرة أيام، بانتظار فرصة عمل يدعمون بها يومهم ذاك، ومحاولة انتشال جيوش المتسولين والمعوزين والأيتام والمعاقين المنتشرين هنا وهناك. الانتخابات على الأبواب والمسؤوليات كثيرة ومثلها المشاكل، والناس في كل مكان بانتظار الآتي أن يحمل الغيث اليهم، لا أن يدعهم يعيشون الجدب والخواء من جديد، وانتظار مالايأتي حينما تدير الحكومة ظهرها اليهم ويفعل مثلها البرلمان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

ترشيح كورالي فارجيت لجائزة الغولدن غلوب عن فيلمها (المادة ): -النساء معتادات على الابتسام، وفي دواخلهن قصص مختلفة !

تجربة في المشاهدة .. يحيى عياش.. المهندس

مقالات ذات صلة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر
سينما

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

علي الياسريمنذ بداياته لَفَتَ المخرج الامريكي المستقل شون بيكر الانظار لوقائع افلامه بتلك اللمسة الزمنية المُتعلقة بالراهن الحياتي. اعتماده المضارع المستمر لاستعراض شخصياته التي تعيش لحظتها الانية ومن دون استرجاعات او تنبؤات جعله يقدم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram