عبدالله السكوتي يحكى ان راعيا للماعز شاهد احداها تأكل قشرة شجرة العفص العائدة لصاحب الماعز، وقشرة العفص تستخدم في دباغة الجلود، وان المعزى متى ذبحت ، ذهب جلدها للدباغ لدبغه بهذه القشرة، المهم ذهب الراعي الى صاحب الماعز ليخبره ان العنزة اكلت قشرة شجرة العفص، فقال له الرجل: (الياكله العنز يطلعه الدباغ).
هذه القاعدة غائبة عن الكثيرين، ولا يعيرونها اهتماما، وهي من ضمن القواعد الحياتية التي يدفع الفرد او الحزب فيها ثمن جوره وطغيانه ولو بعد حين، ما اقرب البارحة و8 شباط من ذاكرة الشعب العراقي، الانقلاب الاسود الذي حطم ثورته الاولى مع ماكانت تطمح اليه من تغيير، القتل والدموية وسياسة الانقلابات والمؤامرة.العدالة متوفرة ولاتحتاج الى التسرع ، مع صبر الشعب ربما توهم البعض ويئس البعض الاخر حين استبطأ العقوبة والقصاص خصوصا بعد ان رأى ان من خلع الزيتوني في آخر لحظة واستبدله (بدشداشة وعكال) في يوم التاسع من نيسان 2003 يتمتع بالمناصب من جديد ويطالب بوقاحة بتسنم المناصب العليا بعد الاخطاء المتراكمة التي اقترفتها هذه الايدي الاثمة ، جاءوا بمسميات جديدة وعناوين مختلفة ، لكن يبقى النفس الاجرامي باديا عليهم ، ولكن عدالة الوجود تأتي بجلد (العنز) ثانية بعد ان يمضغ قشرة الاشجار المتخصصة بدباغته، وسيأتي الحساب على البقية الباقية من الذين تسللوا بغفلة والمتسلقين والمهرجين الذين صبغوا وجوههم بمسحوق الاخفاء ، ظنا منهم ان الشعب ينسى مأساته ، فكشفتهم الانتخابات مع انه جاء نتيجة عرضية للسباق الانتخابي المحموم.هؤلاء يتمتعون بخواص تكاد تكون دليلا عليهم ، هي روح المؤامرة تعودوا على الوشاية وكتابة التقارير ، يستطيعون تسلق القلاع العالية ، ولكن الجميل في الامر انهم طالما يقعون في الحفر التي يحتفرونها للاخرين، والمؤلم في الامر ان تنازع السياسيين على السلطة والجاه والمناصب ابطأ القصاص من المجرمين الحقيقيين ، حتى تجرؤوا اكثر على ارتكاب جرائم جديدة وبفخر من دون وجودهم في سدة الحكم ، ويبقى الدباغ آخر المطاف ليخرج ما اكله العنز وما ارتكبه المجرمون بحق الشعب. الهيئات الدستورية والدستور يطلب الحصانة من ذوي السلطة لانه على مانعتقد كتب للهيبة فقط ولا احد ملزم به؛ المادة الدستورية يجب ان تكون سيدة الموقف ولانقاش معها ، اما الحيثيات الاخرى فلها قواعد وممكن تداولها بتحضر ومدنية ، وهيئة التمييز لاتمتلك الحق في رد قانون يصدره البرلمان وليس لها الحق في ان تتصرف خارج حدود صلاحياتها القانونية ، وليس من سلطاتها ترحيل اسماء المستبعدين الى ما بعد الانتخابات، عليها ان تنظر في الادلة والطعون ومن ثم تقضي باستبعاد او رجوع المرشح الى قائمته. لقد هدر الكثير من الوقت والجهد في مسألة ناقشها الدستور وفرغ منها ولكن هذه (الشيطنة) تحاول ان تجعل الساحة السياسية مرتبكة ومن ثم تخلخل الامن كي تغري المجرمين بتصعيد عملياتهم الاجرامية ، واعادة تنظيم صفوفهم العفنة ، واذا ماقدر لهذه الاشكالية ان تأخذ اكثر من حجمها فسيدفع الشعب ثمن ذلك.لقد سلطت الانتخابات الضوء على شيء زحف خلف ذاكرتنا وذكرتني هذه المفارقة بحكاية العراقي الذي تعرف على امرأة اوربية في لبنان وحين موعد سفرها اهداها كلبه الذي اتى به من بغداد، فقال فيه الشاعر:وقد كان يأتيها وتأتيه في الدجى فيشرب من خمر الغرام ويسكرواهدى اليها كلبه يوم سافرت لتذكره والشيء في الشيء يذكر
هواء فـي شبك: (الياكله العنز يطلعه الدباغ )
نشر في: 8 فبراير, 2010: 07:46 م