TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > وثائق عربية :الشهباء نموذج صحافة العرب في العهد العثماني

وثائق عربية :الشهباء نموذج صحافة العرب في العهد العثماني

نشر في: 12 فبراير, 2010: 04:32 م

د.محمد حسين الزبيديشهد العصر الحديث بروز كوكبة من رواد النهضة العربية الحديثة حملوا بأيديهم مشاعل الحرية لينيروا للأجيال المقبلة دروب الحياة الفكرية وتحملوا لوحدهم عبء الحياة ووطأتها لينبهوا الشعب العربي والاسلامي الى تعسف الظالمين، والمستبعدين والطغاة من الحكام الذين حكموا باسم الدين وساسوا الرعية باسم الحرية. كان بين هؤلاء الرواد عبد الرحمن الكوكبي ،
 لقد وقف هذا الرجل في وجه أعتى سلطان عرفه العصر الحديث هو السلطان عبد الحميد، وقف ببسالة نادرة وشجاعة فريدة في عصر كان فيه الهمس محرماً. الحرية..!الكواكبي والسلطان عبد الحميد محرر في (فرات) عمل الكواكبي في مستهل حياته النضالية وهو ابن الثانية والعشرين من عمره محررا في صحيفة (فرات) العربية في حلب التي انشأها المؤرخ التركي (احمد جودت باشا) وقد حرر مع الكواكبي في هذه الجريدة من اعلام حلب، كامل الغزي ومحمد الحنفي ، وظلت هذه الصحيفة توالي صدورها اربعا واربعين عاما حتى عام 1911، وقد تجلت مواهب الكواكبي وقدراته الفذة فيها وجعل مع اصحابه – من هذه الصحيفة منبرا لمخاطبة الحكام وحلبة لمنازلتهم وميدانا لفضح جرائمهم ، فاثارت مقالاتهم هذه ضمير الشعب والهبت فيه العزائم واحيت الهمم في النفوس، وقد اقبل الناس على هذه الجرائد، اقبالا شديدا، حيث وجدوا فيها خير معبر عن مشاعرهم في مواجهة الحاكم المتجبر، ووسيلة لتحدي السلطان وبطشه. لقد حاولت السلطة العثمانية ان تشتري قلمه وتسكت لسانه وان تحوله من مناضل الى اجير.. ومن ثائر يشهر قلمه في وجه الظلم والاستبداد..الى بوق للحاكم وداعية له ، فعينته بعد عام من عمله في الجريدة محررا رسميا براتب (8 ليرات عثمانية) وهو راتب محترم بالنسبة لرواتب ذلك العصر، ولكن الكواكبي لم يطق البقاء طويلا في هذا العمل فتركه، وانشأ جريدة يحررها بالاشتراك مع هاشم العطار سماها (الشهباء) عام 1293 هـ 1878 م فكانت اول صحيفة عربية خالصة الفكر والاتجاه والعقيدة تشهدها ولاية حلب، وقد وصف كامل الغزي هذه الجريدة قائلاً: "ان هذه الصحيفة كانت اول معلن اذاع بين الناس فضل هذا العبقري، وكشف لهم عما كان منطويا عليه من المنزلة الرفيعة في عالم السياسة والادب، ولذا اغتبط الناس بهذه الصحيفة واقبلوا عليها ايما اقبال". مواجهة مع الحاكم وقد وجد الكواكبي الثائر المؤمن يواجه الحاكم المتجبر ويتحدى السلطان وبطشه بشجاعة نادرة متحديا كل انواع التعسف والعنف والاضطهاد، ولم يستطع الوالي العثماني (كامل باشا القبرصي) الملقب بعدو الحرية والصحافة ان يصبر طويلاً على الكواكبي، فقد كانت مقالاته النارية قد ارقته وايقظت الشعب من سباته، وأوشك ان تجتاح البلاد ثورة عارمة على الحكم العثماني فأغلق الجريدة بعد ان صدر منها خمسة عشر عدداً فقط. ويذكر لنا الغزي اسباب غلق الجريدة ، فيقول : "غير انهم لسوء الحظ لم يتسعوا بأستجلاء محاسن هذه البكر الوحيد سوى ايام قليلة حتى فاجأها القدر بانقضاء الوجل". ويعلل الغزي سبب غلق الجريدة الى تسرع الكواكبي في الاصلاح ونقده الكثير الموجه الى اعمال الوالي وموظفي ولايته مشيراً من طرف خفي الى استبداد السلطان عبد الحميد وانانيته المفرطة في تثبيت سلطانه في الوقت الذي كانت الصحف التركية والعربية تكيل المدح للسلطان، ويغالي محرورها بالاغداق عليه بالالقاب والمدائح، مما لم ينله قبله ملك او سلطان فهو عندهم شاهنشاه ملك الملوك وملجأ الخلافة وبأني الدنيا وظل الله في الارض، والسلطان الاعظم والذات الاقدس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram