TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > وقفة :صــبر المواطــن

وقفة :صــبر المواطــن

نشر في: 13 فبراير, 2010: 04:31 م

كاظم الواسطيأكدت تجارب العديد من البلدان، بأن الأخطار الخارجية التي تستهدفها، على شكل عمليات عسكرية تطمع بالتوغل في جغرافية البلد المستهدف، أوالأخطار الداخلية المتمثلة بقوى مأجورة تعمل على زعزعة الأمن الداخلي، بأساليبٍ سياسية وعسكرية، تُعتبر من العوامل الأكثر خطورة وتهديداً للنظام السياسي في ذلك البلد، نقول أكدت تلك التجارب،
 وأظهرت بوضوح، توحّدا غير مسبوق بين النخب السياسية الحاكمة أو المشاركة في الحكم في مواجهة تلك الأخطار والتصدي لها. وإذا لم تكن المواجهة بدافع الحرص على مكتسبات الشعب وبناء مستقبل أبنائه – في النظم الديمقراطية والوطنية – فهو للدفاع عن مصالحها الفئوية الضيّقة في السلطة والنفوذ – في النظم ذات الطبيعة الأوليغاركية أو الشمولية -. إن الشيء الذي يدعو للاستغراب والقلق، إذا ما فكرنا خارج منطق الشّك وخلفيات الريبة، هو طبيعة العلاقة بين بعض نخبنا السياسية المؤتلفة في الحكومة والدولة والتي عبرّت،بشكلٍ يعرفه القاصي والداني، عن التشكيك والريبة المستمرة في منطق وخلفيات بعضها البعض، وصار لها ذلك ملمحاً فارقاً يميّزه المواطن والاعلام من أول وهلة - في لقاءٍ تلفزيوني أو مؤتمر صحفي وغيرهما من وسائل البث المختلفة - بل صار البعض من سياسيينا يتلبّس هذا الدور، ويتمترّس فيه، في كل مناسبة، سياسية أو عامة، وكأنه الهوية الوحيدة له. يحدث كل ذلك، في وقتٍ يتحدث فيه الكل عن أخطار تدخلٍ خارجي، له أجندات خاصة تنفذها قوى داخلية تفتك بحياة العراقيين دون تميّيز. كيف نفسّر هذا التشظي في علاقات النخب السياسية، خارج منطق الشك وخلفيات الريبة، وهنالك مشاهد للقتل اليومي البشع تمارسه قوى إرهابية تصر على إرتكاب كل أشكال الترويع والدمار ضد العراق والعراقيين؟ وكيف نفهم سلوكا سياسياً يعمل على توسيع الفجوات في بناء دولةٍ يعمل المواطن البسيط على جعلها أكثر تماسكاً، من خلال انخراطه في مجال الخدمة المدنية والعسكرية، ويخلق، هذا السلوك، بالاتهامات المتبادلة، صدوعا في بنية المواطن والمجتمع؟ إذا لم تكن المصالح الضيقة، واللهاث وراء النفوذ والسلطة، مثلما يدعّي البعض، هي الدافع الحقيقي الذي يتحكّم بهذا النوع من السلوك السياسي، فبماذا يجيبنا أصحاب هذا السلوك عن التداعيات المستمرة في علاقاتهم؟ إن المعايير المزدوجة في إتهام جهة خارجية دون غيرها في قتل العراقيين، واختلاف بعض السياسيين حول ذلك، عبر تبرئة هذه الجهة وإتهام تلك، أوالتصريح بتبعية أطراف في العملية السياسية لجهاتٍ خارجية معينّة، يثلم المعيار الوطني للسلوك السياسي، ويدفع المواطن للتفكير بخلفيات الريبة، وتأكيد نوازع الشك المتأصلة في هذا السلوك. كما التفكير بهذا المنطق يُضعف جسور الثقة بين النخب السياسية من جهة وبينها وبين المواطن من جهة أخرى، ما يسبب اختلالا مضراً بالعملية السياسية نفسها، ينعكس سلباً على الحياة العامة للمجتمع والدولة، وهذا ما عانينا منه طوال سنواتٍ، إنتظرنا يوماً واحداّ منها، نتحرر فيه من جمرعهود الاستبداد الطويلة التي أثقلت كواهلنا، وقصرّت أعمارنا سنين تحولت إلى رماد، فمتى يكون هؤلاء السياسيون بمستوى حرص المواطن على هذا اليوم الذي انتظره طويلاً، للتحرر من مخلّفات الاستبداد، واخلاقياته المتدنيّة في الشّك، والاتهام، والتشويش على أي عمل يخطوعلى طريق بناء الديمقراطية، والخلاص من الارث الدكتاتوري البغيض. المواطن لازال ينتظر.. وينتظر، وعلى المشاركين في العملية السياسية بعد الانتخابات القريبة القادمة،أن يجعلوا الوطن والمواطن غاية عليا، وهدفاً سامياً لممارستهم السياسية، في الحكومة والبرلمان، وأن يعوا الدرس جيداً من أخطاء من سبقوهم، وفي حدود الفائض من صبرهذا المواطن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram