TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > خارج الحدود :دارفور.. الأزمة المستمرة

خارج الحدود :دارفور.. الأزمة المستمرة

نشر في: 13 فبراير, 2010: 06:19 م

حازم مبيضين يمكن للمراقب تبعاً لموقفه المسبق فهم الصراع في دارفور، على أنه بين عرب وأفارقة، أوبين رعاة ومزارعين، أو أنه تنافس سياسي على السلطة والثروة، أو صراع ستراتيجي دولي، ونترك لمؤيدي نظرية المؤامرة، أن يعتبروا أن واشنطن تستغل هذا الموضوع لتقسيم السودان، والسيطرة على نفطه ومنع الصين من السيطرة على بترول السودان ودول أفريقية أخرى.
 خلال الاستعمار البريطاني، كانت موارد السودان تصب في الخرطوم ومقاطعات النيل الأزرق، في حين كان البقية يعانون التخلف، كان 56% من الاستثمارات من حصة الخرطوم وكسالا وولايات الشمال، مقابل 17% لدارفور وكردفان معاً، وهنا أطلق سكان مناطق نهر النيل على أنفسهم لقب أولاد البلد، تفاخراً وتحقيراً للآخرين الذي يطلقون عليهم اسم أولاد الغرب أي الأفارقة ويسمونهم السود. وهكذا يمكن إدراك حجم التخلف والتفاوت في التنمية داخل أقاليم السودان حين نال استقلاله الذي كان لأهالي دارفور دور بارز في تحقيقه. وجاء الجنجويد.. وليس هذا غير اسم يطلق على من يستخدمون روح الشرّ، أي الجنّ، لتحقيق أهدافهم، وينتقلون على ظهور الجياد والجمال، وهم بهذا (جنٌّ على ظهر جواد)، وعملياً فهو اصطلاح يطلق على الجماعات المسلحة التي تتجوَّل في أنحاء دارفور على ظهور الخيل والجمال وتنتمي إلى القبائل العربية، أو الأفريقية، تمارس النهب والقتل، ليس لها تنظيم معروف أو قائد يقودها أو قبيلة تحتضنها. ويرى بعض الباحثين أن الجنجويد هم بقايا الفيلق الإسلامي الذي أسسه معمر القذافي في ثمانينيات القرن العشرين لنشر القومية العربية والإسلام في أفريقيا، وبعد انقلاب العقيد على فكرة القومية العربية لصالح الإتحاد الأفريقي، حلّت هذه الميليشيات، وعاد أفرادها إلى مناطقهم، لتخرج منهم عصابات السلب والنهب التي يسميها السكان المحليون الجنجويت، والذين تعتمد عليهم الحكومة لاحتواء أعمال التمرّد ومحاربتها، وزوّدت بالأسلحة والموارد العسكرية المناسبة من أجهزة اتصال ومدفعية ورشاشات حديثة. ليس لعاقل توقع أن لاتكون لازمة دارفور ذيول خارجية قد تكون أكثر خطورة، فواشنطن تدرك موقع الاقليم الستراتيجي كما أنه يختزن نفطاً عالي الجودة وهو مهم لإعاقة النفوذ الآسيوي المتزايد في السودان في مجال النفط الصيني والماليزي والهندي، والصين تستثمر حقول النفط في جنوب دارفور، و تؤمن حمايتها بواسطة 5 آلاف صيني بثياب مدنية، وفرنسا تتطلع الى البترول واليورانيوم في الحقول المشتركة بين دارفور و تشاد وأفريقيا الوسطى. وفي الوقت نفسه تسعى مصر لدعم النظام السوداني، في حين تبتعد ليبيا حالياً عن مشاكل الاقليم تجنباً للسياسات المضادة لمصالح الغرب، وهي مع ذلك تملك شبكة علاقات مع جميع الأطراف والميليشيات المحلية تعود إلى فترة الثمانينيات من القرن الماضي، خصوصاً الحركات العسكرية، وفي الوقت نفسه فان تشاد تضطلع بدور مؤثر في أحداث دارفور والسودان منذ البدايات، وذلك نظراً إلى علاقات المصالح بين حكومتي البلدين من ناحية، وبين التشاد والقبائل الحدودية من ناحية أخرى، وهي تسعى اليوم إلى الإسهام في وضع حد للنزاع. وبعد فان قضية دارفور وبالرغم من أنها صراع بين قبائل عربية و قبائل أفريقية، أو بين سلطة و نظام حكم مستبد يستخدم ميليشيات من القتلة (الجنجويد) للتطهير العرقي في الإقليم، والإبادة الجماعية بحق الأفارقة السود. فان اتفاق الخرطوم مع حركة التمرد الجنوبية لتقاسم السلطة والثروة ، أعطى مناطق أخرى في السودان الفرصة لرفع صوتها، ومن ثم سلاحها، لتحقيق مطالبها للمساواة بالمركز، وهنا التقت مطالب الأقاليم مع المصالح الدولية في منطقة غنية بالبترول واليورانيوم، وكانت المأساة أن سياسات الخرطوم المرتبكة وتنافس أقطابها وصراعهم على السلطة، ساعدت في إذكاء نار الأزمة وتحويلها إلى شأن داخلي في السياسة الأميركية والأوروبية والآسيوية والأفريقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

منظمة العفو تُطالب بتحقيق دولي لتقصي حقائق الساحل السوري

المنخفض الجوي يودع العراق

انتشار أمني مكثف أمام السفارة السورية في منطقة المنصور غربي بغداد

نيجيرفان بارزاني يبحث مع الكاظمي حوار أربيل وبغداد لحل المشاكل العالقة

ترامب يوجه تحذيرا للعراق بشأن المختطفة الإسرائيلية

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram