TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > صفحات من تاريخ الصناعة الوطنية .. فتاح باشا

صفحات من تاريخ الصناعة الوطنية .. فتاح باشا

نشر في: 14 فبراير, 2010: 05:38 م

في البدء كان يدعى معمل نسيج ( العبَّخانه - وهي من "العباء خانه" او محل صنع العباءات ) وهو أول مؤسسة بسيطة للصناعة أقامها المصلح العثماني مدحت باشا 1868-1871 في بغـداد. ثم أعقب ذلك ما عُـرف (بمدرسة الصنايع) حيث تلقى البغداديون أوائل العلوم عن الصناعة الحديثة ... وكانت السنوات القليلة التي قضاها مدحت باشا في بغـداد كفيلة بإدخاله التاريخ الوطني العراقي من أوسع أبوابه الإصلاحية؛ وهو درس مهم لأولئك الذين يرون التغيير يحدث بعشرات السنين بل بمئاتها !
من اجل مزيد من (ألخدّه و الخدر) كما هو المثل العراقي... ويُعْـرَف عن العراقيين ولعهم الخاص بالصناعة على الرغم من كونهم شعبا زراعيا منذ آلاف السنين. فالزراعة واحدة من اختراعاتهم. هكذا عرف العراقيون صناعة النسيج من جديد في وقت قياسي 3 سنوات، بعـد أن غادروها في أواخر العصر العباسي الثاني حيث كانوا من أبرع الأمم فيها. وقبل أن يستعمل العراقيون لفظ (بطانية) الذي ساد بعـد ثورة 1958الوطنية، كان البغـداديون والبصراويون وربما الموصليون أيضا يسمون البطانية بلانكيت وهي من مستوردات الانكليز انذاك وكان معمل فتاح باشا قد أتحف العراقيين بأعداد لا تحصى من (البلانكيتات) من نوع فتاح باشا ذات الجودة العالية، حتى كان العـراق يصدّر الفائض منها إلى الدول المجاورة في ذلك الزمن... والعـراقي بكل اعتزاز لم يكن يستعمل البطانيات الأجنبية لأنها كانت الإردء قياسا ببطانيات فتاح باشا العراقية البغدادية علامة الجودة العراقية العالية بدون الرجوع إلى أي تقييس وسيطرة نوعية... وكان سليمان فتاح باشا قبل أن يفتح معمله الشهير في بغداد معمل فتاح باشا الشهير للبطانيات العـراقية "المعتبرة" ضابط مدفعية وصل إلى رتبة لواء في الجيش العـراقي… ذهب فتاح باشا إلى ألمانيا عام 1926 وجلب لأول مرة معـدات ومكائن نسيج مستعمله منها، وأقام معمله وسـط بستان، حيث افتتحه الملك فيصل الأول بنفسه...ا فتعـرّف البغداديون إلى صناعة النسيج من فتاح باشا حتى أصبح رمزا للصناعة الوطنية أيضا طوال القرن العشرين... كان فتاح باشا وطنيا حقيقيا معارضا للاحتلال البريطاني لذلك فقد ألقت سلطات الاحتلال وقتذاك القبض عليه ونفته إلى (جزيرة هنجام) في الخليج العربي إبان ثورة عام 1920م... كانت تلك الجزيرة مأوى للوطنيين العراقيين المعارضين الأوائل ممن قاتلوا الانكليز بضراوة.. وكان فتاح باشا واحدا منهم. لم يكن رجلا صناعيا بل وطني (قح) كما يود أن يصفه (البغادة) من جيله... ولم يتوقف فتاح باشا عن تقديم خدماته لوطنه كصناعي حيث أسس (شركة المنصور) التي قامت بإنشاء مدينة المنصور الحالية والتي تعـدّ واحدة من أرقى الأحياء في العاصمة... ثم تعددت مواهب فتاح باشا واستطاع أن يسجل أسمه بأحرف من ذهب في تاريخ المصلحين العراقيين حتى بعـد قيام حكومات ما بعـد ثورة 1958 وتأميم شركته عام 1964 ... مجلة الحضارة العدد الثالث 1988

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram