اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > أميرتنا البابلية التي اكتشفتها أمل بورتر

أميرتنا البابلية التي اكتشفتها أمل بورتر

نشر في: 14 فبراير, 2010: 06:54 م

لطفية الدليمي وثيقة  نادرة  من الوثائق المهمة  عن وضع المرأة والواقع الثقافي و المجتمع الحضري والريفي والبدوي تحت الهيمنة العثمانية  القاسية قدمتها لنا  امرأة رحالة عملت في مجال التنوير في وقت كان المجتمع  مستغرقا في سبات القرون المظلمة، امرأة تسافر  من بغداد  وحيدة في قافلة لتجوب العالم وتكتب مذكراتها وتجاربها في مجتمعات  غريبة
في إصدار أنيق  من (دار فضاءات) الأردنية، أتاحت لنا الباحثة والكاتبة من  أم عراقية وأب بريطاني  أمل بورتر- أن نتعرف عبر ترجمتها للكتاب  الى امرأة  مثقفة  ولدت قرب خرائب نينوى سنة 1804 (*) وتجولت  في بلدان كثيرة ودونت خلاصات تجاربها  في كتاب يحمل عنوانا  مثيرا وملهما هو: (مذكرات أميرة بابلية).. كتاب ممتع  وسفر  أنثروبولوجي يقدم لنا معلومات   ثمينة عن  المجتمع  متعدد الأعراق  والثقافات في العراق تحت الحكم العثماني  والذي قدمت فيه  كاتبته ماري تيريز اسمر- رؤية موسوعية عن الحياة  في مدن تلكيف والموصل وبغداد وسردت فيه  بوعي إنساني فريد تفاصيل حياة البدو  وأعرافهم ومواقفهم واحتضانهم  السخي  لها هي المسيحية المطاردة من قبل  الباشا العثماني وسلطته  الشوفينية  بعد ان  خسرت والدها وباقي أفراد أسرتها  والثروة والمكانة  الرفيعة لتلك الأسرة  ولاذت لبعض الوقت  في  مضارب قبائل  الشيخ البدوي (درياح) بين  بغداد وبابل الذي استضافه والدها مرارا وأمضت شهورا عندهم قبل توجهها في رحلة مثيرة ضمن قافلة هائلة  الى  فلسطين و الشام ولبنان وعملها مرافقة لأميرة  شهابية في بيت الدين ثم سفرها الى أوروبا ومقابلتها للبابا واستقرارها  في باريس ثم في لندن  حيث نشرت  الكتاب سنة  1844 بالإنكليزية وهي التي تتقن اللاتينية والايطالية والفرنسية والسريانية والكلدانية والعربية والعبرية والهندوستانية.تتطرق ماري تيريز  الى أوضاع النساء  في تلك الحقبة  وحرمانهن من التعليم والحقوق الأساسية بوعي امرأة معاصرة  مما دفعها لتفتتح  مدرسة خاصة لتعليم البنات  في بغداد حيث علمتهن الى جانب القراءة والكتابة أشغال الأبرة  والأعمال الفنية، لكن مشروعها أحبط لتدخل جماعة من المبشرين الأوروبيين المتنفذين المستفيدين من ثروات العراق  فهاجموها  وهم يظهرون قوتهم  التي تفوق قوة والي بغداد  وأرغموها على إغلاق مشروعها إذ عدوا أنفسهم المخولين الوحيدين  للتعليم الخاص في  بغداد  بعون من الوالي العثماني، تتحدث عن موقف الأوروبي من الشرق  هذا الأوروبي الذي يأتي الى الشرق ليراكم الثروات ولا يعبأ بمعاناة الناس  ومشاكلهم فتقرر اللجوء الى الصحراء التي (تمنحنا ضميراً حياً نقيا) كما تقول.تشير ماري تيريز اسمر الى الاضطهاد  الديني والطائفي من قبل السلطة العثمانية وكأنها تروي لنا أحداث المستقبل من واقع تاريخي، هي الجريئة الغريبة عن عصرها والتي ادعت انها أميرة بابلية وقابلت الملوك والأمراء والنبلاء في أوروبا قبل ان يستطيع أي رجل من بلدها فعل ذلك وفي عصر اضطراب وتحولات سياسية أعقب الثورة الفرنسية التي زعزعت  العروش والقيم القديمة  وفي فجر النهضة الصناعية التي غيرت المفاهيم وقلبت أوضاع المجتمعات الأوروبية حينها، فتقوم ماري تيريز بتدريس اللغة العربية  لبارون فرنسي  وآخرين لتعيش في مجتمع غريب وقاس  تحكمه النزعات المادية التي تضاد  ثقافتها  وتربيتها الشرقية المثالية.تروي لنا  تقاليد الزواج البدوية وعادات أهل المدن وطرز ملابسهم ووضع النساء في حريم الولاة والحكام الأتراك وجهلهن  ومنعهن من التعلم  ووضع المرأة الأوروبية ولا تنسى وصف الطبيعة وطرز العمارة والعادات واختلافها في الشام ولبنان وفلسطين  وايطاليا وفرنسا وبريطانيا وتتحدث عن تنوع اهتماماتها الثقافية بين التصوف والأدب العربي والتاريخ واللغات والمسرح والترجمة  والموسيقى حيث تعمقت معارفها خلال التجارب القاسية في رحلاتها واقتحامها لعوالم كانت تجهلها بها وهي المؤمنة بسمو الطبيعة البشرية على نحو مثالي، تقول (يالحسرتي ان هذه التجارب قد رفعت عن عيني الحجاب وكشفت لي صورة العالم الحقيقية بحيله ونفاقه) وتعرضت من قبل الأوروبيين للابتزاز والخداع والسرقة  رغم إحتفاء  النبلاء والساسة والسفراء  بها  وبقي سوء الطالع يلازمها مما ملأها بالمرارة والكآبة  خلال رحلة حياتها  العجيبة التي وصلتنا عبر سطور مذكراتها الممتعة الجديرة بالاحتفاء (مذكرات أميرة بابلية).rn(*) تقوم الصديقة امل بورتر- منذ عامين - برحلة متقطعة&am

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram