TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > انتخبوا وغيّروا .. دجاج انتخابي ووعود سياحية

انتخبوا وغيّروا .. دجاج انتخابي ووعود سياحية

نشر في: 14 فبراير, 2010: 07:21 م

عامر القيسي كتل واحزاب انتخابية لانريد ان نذكر اسمها لاعتبارات عديدة  ، اختارت اسوأ اشكال الاهانة للمواطن العراقي عندما قام بعض مندوبيها ووكلائها بتوزيع دجاج، واحدة لكل عائلة في احدى مناطق حزام الفقر والبؤس في بغداد. ورغم تقبل العوائل الهدية الانتخابية ،
 بسبب ظروفهم الصعبة، الا انهم احسوا بعمق الاهانة التي وجهت لكرامتهم ولمستوى وجودهم الانساني اولا ولنظرة الاحتقار التي تعاملت بها الكتلة الانتخابية معهم ثانيا  والتي ، كما يقولون ، لم يزرهم فيها  اي من اعلامها ومدمني الفضائيات وعاشقي التصريحات النارية منذ اكثر من سنتين بعد ان وضعوا شكاواهم في ملف محترم وقالوا لهم: ابشروا فقد جاءكم الفرج!الذي حدث ايها السادة ان الاشكال اختفت والوعود تناثرت  والملف لا احد يعرف عن مصيره شيئا والمنطقة بقيت على حالها منذ تأريخ الشكوى حتى لحظة كتابة هذا العمود باستثناء الذي وزّع بكرم حاتمي وان كان بشكل استعراضي مهين!هذا الظهور المفاجئ والتلمس الحنون لمعدة الفقراء في انطلاقة الحملة الدعائية الانتخابية  ،انما يعبر عن نوعية تفكير بعض ممن يريدون من المواطن ان يكون سلما رخيصا لطموحاتهم في الحصول على مقعد نيابي وان كان ثمنه عدة كيلو غرامات من الدجاج المستورد.المثير في الامر ان توزيع الدجاج على هؤلاء الفقراء في احزمة البؤس البغدادية أثمر عن نتائج عكسية لان هذا التوزيع طرح سؤالا بسيطا وواضحا:اين كانوا؟ ليلتحق به سؤال آخر:أهذا هو ثمننا ؟ وغيرهما من الاسئلة التي سمعناها من على لسان من"ثردوا"  الدجاجة واكلوها عن آخرها!ان هذا التحول من ثقافة اجبار المواطن القديمة الى ثقافة شرائه الجديدة  انما تنطلق من عقلية واحدة ، هي عقلية الاستهانة بوعي الناس واحساسهم وتفكيرهم ، وتتنوع ثقافة الشراء هذه بين البعض من المرشحين ، فتارة هي مدفأة وتارة اخرى بطانية وفي غيرهما جاء الدجاج ليكون اكثر حضورا في إسفاف هذه الثقافة وعدم احترامها الانسان باعتباره كائنا راقيا له فكر واحساس واختيار وكرامة . هذا الخرق الفاضح للقوانين الانتخابية وتعليماتها نستطيع ان نسجله حالة سلبية ولا نستبعد وجود خروقات في اماكن اخرى، لان الثقافة التي تفتقت عن دجاجة او بطانية غير محصورة في منطقة واحدة ولا فكر واحد وهي حالة تشوّه الصورة التي نريد ان نرسمها ونرسلها للعالم كرسالة لتحضرنا وتمسكنا بتجربتنا الديمقراطية الجديدة ودفاعنا المستميت عنها من اجل انسان من طراز آخر. عمليات كسب الاصوات في البلدان المتحضرة  ،القريبة منها والبعيدة،  تتم من خلال الوعود بتحسين المستويات المعيشية للمواطنين ، من خلال الوعود بانهاء الازمات السياسية، من خلال الوعود بمزيد من الحريات الديمقراطية ، من خلال الوعود بتوسيع دائرة حقوق الانسان، من خلال الوعود بتحسين الخدمات الصحية والبلدية .واذا كانت الامثلة تضرب ولا تقاس فلنقرأ!حزب سويدي يقدم وعدا للعمال بتخصيص بيوت  لهم في متزلجات السياحة عندهم ليكسب اصواتهم وليس بدجاجة ( سمينة ) لايتعدى سعرها في افضل الاحوال الخمسة آلاف دينار عراقي.والسلام عليكم!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram