ترجمة: عمار كاظم محمد رواية ديفيد توسكانا التي ترجمت الى اللغة الانكليزية لأول مرة و التي فازت بعدة جوائز تمثل صحراء سوداء لطبيعة ذروتين حلتا في مدينة صغيرة في المكسيك، حيث تتمثل الأولى في أن السماء لم تمطر فيها منذ عام كامل ولا احد يقرأ الكتب فيها سوى أمين المكتبة .
امين المكتبة فيها يدعى لوتشيو وهو بطل غريب لهذه الرواية يتبع منطقه الخاص والغريب مرة حين يضع كتبه على الرفوف ومرة أخرى حين يتعامل مع مختلف المواقف في الحياة الواقعية، وفي الحقيقة فهو يلجأ الى الروايات الموجودة على رفوف مكتبته لأجل الالهام فلو أخذنا مثلا قضية جثة الفتاة التي وجدت لدى ابنه " ريمجوس " هذه الفتاة الجميلة حتى في موتها فهي تملك قوة مؤثرة على هذا الشاب الذي على الرغم من براءته وكونه حبيس المخاوف فقد لجأ الى والده لكن الوالد " لوشيو" بدلا من أن يقدم نصيحة أبوية لأبنه يحيله الى رواية غامضة عنوانها " قراءة سترة الغبار" وهي قصة رجل يحاول اخفاء جريمته بأي ثمن ، لكن المفاجأة حينما تجد الضحية طريقة لكي تثبت الاتهام عليه من العالم الآخر .وهنا يحاول " ريمجوس " أن يقلد الخطة الموجودة في الرواية حيث يقوم بدفن جثة الفتاة تحت شجرة افوكادو.لكن ما حدث بعد ذلك هو قصة حب غريبة بين " ريمجوس" والفتاة الميتة تزامنا مع لقاءات لوتشيو المبهمة مع والدة الفتاة الحزينة وهو مايرمز لدى توسكانا بالواقعية غير المقيدة على افتراض كونها عكس الواقعية السحرية التقليدية.فالقراء لأسلوب توسكانا مثل محللين نفسيين يذهبون بالاتجاه الخاطيء ،القراء يبتلون بالاعتلال لكنهم مع ذلك يتحررون بشكل غريب فسلوك الأب والابن مرفوضان بنفس الطريقة التي يستهلك بها الصراصير الكتاب ببطء في احد زوايا الغرفة،الفكوك التي تحلل غلاف الكتاب ، طبقات الغبار ، صورة المؤلف والمؤلفة ، يدعو لوتشيو غرفة المهملات هذه التي تحتوي على الكتب التي ليس لها قيمة ب "الجحيم" وفي الحقيقة فان هذا المصير سيكون جحيما ل "كتاب عظماء" يحتقرهم لكن لوتشيو ليس لديه صبر على أولئك الكتاب الجياشي العاطفة والأذكياء أو المجددين أو انه بالأحرى يحب و يحتفظ بتلك الأعمال التي لها بعض التأثير أو لها علاقة بتجربته الخاصة وبهذه الطريقة يديم لوتشيو تكريس توسكانا إلى الواقعية غير المقيدة.فهذا الأمر لا يفرض علينا القول بأن تلك الرواية واقعية بشكل خاص وفي الحقيقة بينما كانت الشرطة تتحرى عن تلك البنت المفقودة، كانت الشبهات تحوم حوله.ريمجوس يدخل في حالة فقدان للذاكرة وفي أثناء ذلك الوقت يواصل ما يدعى علاقة جنسية في جوهرها تتحول من خلال جذور الشجرة إلى ثمر الافوكادو وفي الحقيقة لقد كان الوقت ليلا حينما قام بدفنها وحينما ظل يتردد إلى الشجرة ويتحسس ثمر الافوكادو في الظلام حتى يجد انعم واحدة من هذه الثمار يبدأ بملاطفتها بينما تثمر الشجرة وفرة مجنونة من الافوكادو أثناء الجفاف ريمجوس كان يخاف من أن يتم كشفه والأكبر من هذا انه أصبح أكثر غيرة على الثمار كما لو كانت كل واحدة هي جزء من تلك الفتاة التي أصبحت بالموت ملكا له.أما لوتشيو فهو يحس بامتلاكه للفتاة بطريقة أخرى في ذهنه ، فهي قد غدت " بابيت " بطلة منكوبة في رواية أخرى ،وفي الحقيقة فان في معظم أجزاء الرواية أن لوتشيو وابنه يشيران الى الفتاة باسم "بابيت " حتى دون ادنى اهتمام بمعرفة هويتها الحقيقية.المصادر الروائية لدى لوتشيو في هذه الجريمة عند مقابلته للشرطة قادت حتى الى اعتقال شخصية أخرى هي " ملكيزدك " الذي يقوم بنقل الماء وهنا يصبح الحد الفاصل بين الرواية والواقع المشوش غامضا جدا بدرجة أكبر ويتوضح هذا حينما تأتي والدة "بابيت " مرتدية السواد الى المدينة فهي تدخل في هذا الجزء من الرواية لكي تربك تسمية " بابيت " الشخصية الخيالية كما أوجدها لوتشيو وريمجوس مثلما تشوش شخصية ابنتها الحقيقية كذلك وتبدوا الأم غير مهتمة جدا بايجاد قاتل ابنتها.عند هذه النقطة تنزل الحبكة في حفرة الأرنب باسلوب أدبي مذهل ، حيث يتفسخ فهم لوتشيو للواقع بينما يدخل في عالم أحلامه الخاص فهو يعيش مرة أخرى موت زوجته المحبوبة ويعيد قصة جندي شهيد في معركة كامول والذي مازالت رسائله الغرامية محفوظة كشيء مقدس في كنيسة المدينة.حينما يجيء المطر أخير الى هذه البلدة التي تعاني الجفاف، يتحول الغبار بشدة الى طين ويفقده لوتشيو ثم يهاجم صبيا صغيرا يذكره ب " بوبي ماترسون" وهو شخصية قاتل آخر من شخصيات رواية بوليسية حيث يتحدث اليه ." انهض ، ايها السمين الساذج ، يسحبه ثم يركله بقدمه العارية ، يجب أن لاتفعل ذلك لفتاة صغيرة، فهو أقل بكثير حتى لأجل ما استمتعت به منها يجب أن تكون مكان " ملكيزدك" في السجن فرجال الشرطة سوف يستمتعون بتعذيب كل هذا الشحم وحلمات المرأة التي تح
موت الواقع فـي رواية القارئ الأخير لديفد توسكانا
نشر في: 16 فبراير, 2010: 05:14 م