TOP

جريدة المدى > سينما > "الطريق الثوري" بين الرواية والفيلم مانوهلا داغرس

"الطريق الثوري" بين الرواية والفيلم مانوهلا داغرس

نشر في: 17 فبراير, 2010: 05:13 م

ترجمة: نجاح الجبيليهناك الكثير من دخان السجاير المخفف للعصبية وأصوات الشراب المراق في فيلم "الطريق الثوري" وهو نسخة شعبية للرواية المتآكلة غير العاطفية التي كتبها "ريتشارد يتس" عن الزواج التعيس . تدور أحداث الرواية - الفيلم في بيئة محتشدة بالعزلة عام 1955 على الرغم من أنها نشرت عام 1961 وتتتبع انحلال أسرة فرانك وأبريل ويلر
 وهما زوجان شابان أنيقان حاولا وفشلا في الاحتفاظ بخيبة الأمل عند الخليج بالتظاهر بأنهما لا يشبهان الآخرين على الرغم من عنوانهما في الضواحي وعلى الرغم من حياة محددة بجدول حاجز معدّل ، طفليهما الاثنين ومشرب جيد التجهيز ونافذة كبيرة تطل على مرج مقلم كالمقبرة .إن فرانك وأبريل – ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت في الفيلم- يعطلهما تظاهرهما الشديد وحسهما بأنهما أقوى من الابتذال الموجع الذي وقعا فيه أوهام حول ما يدعوه فرانك "ميزته الاستثنائية" تطارد الزوجين ، وهو تضليل يتشبثان به يشبه خط حياة ويسجل كونه عصاباً متبادلاً وعرضاً لمرض اجتماعي غامض أكبر. إنهما لا يبديان أي عاطفة فيما بينهما ؛ ويتس لا يقرب من أحدهما على الرغم من أن كتابه الحزين حين يبلغ ذروته الرهيبة المرتجة فإن العاطفة التي من المحتمل أن تشعر بها بشدة ستكون الأسف ، لعائلة ويلر وربما حتى للرجل الذي جلبهما لهذه الحياة القاسية . لا شيء ً يحدث في القصة، مجرد حياتان عاديتان ينفصلان حد الانهيار. ويبدأ الفيلم مثلما يحدث في الرواية بمسرحية جماهيرية مشؤومة بعنوان " الغابة المتحجرة" وفيها تؤدي "أبريل" دور الأنثى الرئيسي كنادلة في مقهى رخيص تحلم بالذهاب إلى فرنسا. تخفق المسرحية وعلى الرغم من أن جارهما القريب الزوجان "ميلي وشب"(كاثرين هان وديفيد هاربر) رفضا المسرحية بالضحك  إلا أن عائلة ويلر يتقبلان الفشل. وبعد أن يشرباه بعمق ويدعاه يملأهما عندئذ بعد أن يتقويا يبدآن بتوجيه الاتهامات الواحد للآخر. ويحولان الارتباك العام المتواضع لمسرحية محلية أصبحت خطأ إلى تأكيد لحقدهما واشمئزازهما المتبادل.وتستمر الأمور بالتداعي بينما يراوغ فرانك بين شركي المكتب والبيت ويقع لفترة وجيزة بين ذراعي امرأة أخرى (تؤدي الدور زو كازان). وثمة أنقاذ مؤقت حلو حين تقرر أبريل فجأة بأن المهرب الوحيد لها ولفرانك هو حزم الأولاد والانتقال إلى باريس وتصر على أنه سوف يكون قادراً أخيراً على العثور على ذاته ويصبح الرجل الذي تريده بشدة أن يكون. ستكون باريس طريقهما للخروج من الضواحي والصندوق الصغير الرتيب على سفح التل في ذلك الشارع المسمى بشكل قاس "الطريق الثوري".  لكن من الواضح أيضاً من الأسلوب البصري للمخرج "سام مندز" ذات الكلوروستوفوبيا المميتة والرتابة الساحقة لموسيقى "توماس نيومان" بأن مخرجهما مسدود.إن "الطريق الثوري" هي نوع من الرواية العظيمة التي تميل هوليود إلى ترقيعها لأن أغلبها يحدث داخل رؤوس شخصياتها ولأن عائلة ويلر ليست جديرة بأن تحب بالأخص، ولأن التشاؤم بدون إصلاح واضح هو خداع قوي.ومن الصعب التفكير بالعديد من المخرجين الذين استطاعوا أن يتعاملوا معه بصدق: قد يكون المخرج نيكولاس ري الذي ينقل في أفلامه مثل " أرض خطرة واحدة" و "في مكان معزول" معرفة حميمية مع اليأس المتوأم مع الاشمئزاز الذاتي، جعله ينجح وربما المخرج بول توماس أندرسون. ويبدو السيد مندز وهو مخرج مسرحي بريطاني وهاوي مؤقت في الأفلام- "جمال أمريكي" و "الطريق إلى الهلاك" و "المارينز" كاختيار رديء في تولي "الطريق الثوري" على الرغم من ذلك ليس بسبب نقص الموهبة.  بالتأكيد لا يوجد عيب في موهبة الفيلم الذي يعرض كل الانتباه الشديد الحساسية للتفصيل- البذلات الكيس التي تبدو وكأنها تبتلع فرانك كلياً، لمسات العصري الدانماركي في غرفة معيشة عائلة ويلر، تنوقعه من هذا النوع من الإنتاج المهيب. والسيد منديز نفسه رقم مهيب بالطبع مثل النجمين الجذابين اللذين صرفا كمية كبيرة من العرق والدموع وهما يحاولان التعبير عن شخصياتهما. فهما يدخلان القصة بقبضاتهما في الهواء ولن يمر وقت طويل قبل أن يلكما أحدهما الآخر ويمتصان ضربات خفيفة ويضعان ضريات قاسية ، تستمر إلى النهاية القاسية بين الغضب والأحاديث المليئة بالاتهامات حول قذارة حياتهما.  إذا لم تتردد تلك الضربات فذلك بسبب أن استثمار السيد مندز في هذه القصة يبعث على المهارة والتميز.وجزء من قوة الرواية إضافة إلى ثيمتها الأمريكية المألوفة عن الاكتشاف الذاتي، هي صخبها غير المتردد وكيف أن كل كلمة حميمة وحادة تبدو شخصية وكأن يتس التقطها من مكان ما عميق من داخل وجوده الخاص. ليس من قادر على الهروب من الشرك في "الطريق الثوري" عدا مؤلفها الذي كان إصراره على تمزيق شخصياته حد النخاع قاسياً إذ لا يفيد سوى الشعور بنوع من جلد الذات. وكون مندز مخرج الفيلم في الأقل فإنه يعطي انطباعاً بارداً على استحياء لهذا النوع من الحرارة الملتهبة. ويحتفظ بمداه.ويغلق السيد دي كابريو ذلك المدى في مشاهد قلة ترى فيها خوف فرانك – م

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

ترشيح كورالي فارجيت لجائزة الغولدن غلوب عن فيلمها (المادة ): -النساء معتادات على الابتسام، وفي دواخلهن قصص مختلفة !

تجربة في المشاهدة .. يحيى عياش.. المهندس

مقالات ذات صلة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر
سينما

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

علي الياسريمنذ بداياته لَفَتَ المخرج الامريكي المستقل شون بيكر الانظار لوقائع افلامه بتلك اللمسة الزمنية المُتعلقة بالراهن الحياتي. اعتماده المضارع المستمر لاستعراض شخصياته التي تعيش لحظتها الانية ومن دون استرجاعات او تنبؤات جعله يقدم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram