عبد الكنانيفِي بداية الخمسينيات وفي اوج المد الوطني المناهض للاحلاف والتكتلات المحورية التي اخذت تنتشر في انحاء من العالم ولاسيما في قارتي آسيا وافريقيا ومنها حلف بغداد الذي كان يعد من اهم الاحلاف او التحالفات الدولية في المنطقة والذي هو في الحقيقة حاجز او ستار او عائق امام الحركات اليسارية والتوجهات اليسارية لرجال العراق ومعوق كبير بوجه التغلغل الشيوعي في المنطقة،
حاول العديد من رجال العراق (مدنيين وعسكريين) وشخصياته السياسية والاجتماعية حتى الثقافية تأسيس كتل او جبهات معارضة لتوجهات الدولة والى السياسات التي تقف بالضد من التطلعات الوطنية بعضها لاجل الانتخابات واخرى لاجل بناء مواقف سياسية وطنية لخلق تيار معارض ورأي عام عراقي لافشال اية نيات لرهن البلاد باحلاف وتكتلات دولية الغاية منها تمرير المخططات الاستعمارية والترويج للافكار العنصرية ومحاربة المشاعر الوطنية التي كانت تتزايد في الاوساط الشعبية العراقية بفعل قوة التدخل الاجنبي التي تتحكم بمصير البلاد وسياساته علاوة على استعدادها لقمع وافشال المحاولات والاعمال التي تندرج في خانة مقاومة ومقارعة اليد الاجنبية العابثة بالبلاد والتي تعمل بالخفاء بمواجهة الدعاوى التي تواجه مثل تلك المخططات التآمرية وحاولت مجاميع وطنية عدة تأسيس جبهات انتخابية او كتل سياسية تجمع بعض التيارات والاحزاب السياسية وتنسيق مواقفهم وحركتهم فضلا عن العناصر المستقلة.ومن تلك المجاميع الوطنية التي حاولت او انظمت الى جبهة لتنسيق مواقفها وبلورة توجهاتها لخوض الانتخابات النيابية، مجموعة الشخصيات الوطنية ذات التاريخ المعروف في البلاد (عسكريين ومدنيين) حيث اتفقوا على تأسيس جبهة سياسية باسم الجبهة الشعبية ضمت عددا مهما من الشخصيات العراقية من ابرزهم (طه الهاشمي ومزاحم الباجه جي ومحمد رضا الشبيبي ونصرت الفارسي وصادق البصام وكامل الجادرجي وجعفر حمندي وعبد المهدي ظاهر وبرهان الدين باشا اعيان وعارف قفطان وصالح سشكارة وعبد الرزاق الظاهر وخدوري وحسن عبد الرحمن وجميل صادق وجعفر البدر وخطاب الخضيري ومحمود الدرة ونجيب الصايغ وعبد الرزاق الحمود وعبد الجبار الجومرد وعبد الرحمن الجليلي وعبد الرزاق الشيخلي) وغيرهم.غير ان وزارة الداخلية اعترضت على طلب التاسيس الذي تقدمت به هذه الجبهة في 19 نيسان 1951 وذلك لان الجبهة مؤلفة من احزاب وحركات وافراد وهيئات وليس من عدة اشخاص كما يذكر محمود الدرة عضو الهيئة المؤسسة للجبهة الشعبية في كتابه (من تاريخ الحركة الوطنية العراقية) والذي يذكر في المقابل ايضا ان الجبهة الوطنية المتحدة التي تشكلت سنة 1954 وهي جبهة انتخابية ضمت حزب الاستقلال والحزب الوطني الديمقراطي والشيوعيين من العمال والطلاب والمحامين الى جانب المستقلين خاضت الانتخابات بسبعة وثلاثين مرشحا فاز منهم (11) مرشحا وهم كامل الجادرجي وحسين جميل ومحمد مهدي كبة وفائق السامرائي ومجيد خدوري وعبد الجبار الجومرد وذو النون ايوب ومحمد حديد ومحمد صديق شنشل والمفكر الكردي مسعود محمد وجعفر البدر، وقد اجيزت على الرغم من انهاء وضعت ميثاقا للجبهة من ثماني نقاط من اهمها رفض المساعدات العسكرية الامريكية التي يراد بها تقييد سيادة العراق وربطه بالتحالفات العسكرية والاستعمارية.ان التناقضات والاخطاء التي كانت تقع فيها الجبهات الرسمية عديدة وكثيرة وتعكس تحكم حكومي وسياسي في العملية الانتخابية والمشروع الديمقراطي حيث كان بامكانها عرقلة اي مشروع وطني ديمقراطي حقيقي باعذار وحجج عديدة وهي بذلك تؤكد على ان العملية السياسية والمشروع الديمقراطي مرتبط بالظروف والاوضاع داخليا وخارجيا فضلا عن الاصابع السرية الاجنبية التي تعمل في الخفاء لترتيب اوضاع تتفق وتتلاءم مع الاوضاع الدولية والوضع في المنطقة العربية والشرق الاوسط. وهو نهج كان سائدا في العديد من البلدان العربية، اذ ان السراي كان المطبخ الاول لتوجهات البلاد وقد شاهدنا وعرفنا بعض من تلك الطبخات التي جرت في سرايا بعض البلدان التي ظلت مرتبطة بالجهات الاجنبية لاسيما التي كانت مستعمرة لتلك البلدان وهي لم تكن تناقضات بل اساليب متبعة على وفق الحالة السياسية السائدة وهو ما كان يجري في العراق كذلك اذ ان التحكم الاجنبي كان واضحا ومن دلائله واشاراته تلك التدخلات في القوائم الانتخابية والكتل والتيارات والجبهات.. وما حدث مع الجبهة الشعبية ما هو الى انعكاس وتجسيد فعلي لذلك الدور وتلك السطوة للجهات الاجنبية والخارجية.. وهي حالة من حالات كثيرة سجلت في تاريخ العراق المعاصر وبالذات تلك الحقب التي كان للمستعمر فيها الدور الخطير والعامل الحاسم.. ولكنها مع ذلك اكدت على ان رجال العراق الغيارى كانوا اصحاب مواقف وطنية جلية وحاضرة وشجاعة ولم يقبلوا الضيم والاستعباد ومارسوا المعارضة السياسية الحضارية وخلقوا حشدا شعبيا كبيرا حتى انتزعت الحقوق المشروعة كاملة.
من هم مرشحو الجبهة الوطنية للانتخابات النيابية؟
نشر في: 21 فبراير, 2010: 04:40 م