د عبد الزهرة الجوراني ظهرت فكرة تعديل القانون الاساس العراقي اول مرة بعد اربعة اشهر من مصادقة الملك فيصل الاول في 21 اذار عام 1925 فكان تعديل عام 1925 وقد تضمن طريقة تعيين نائب الملك اثناء غيابه خارج العراق. وفي عام 1938، ظهرت فكرة تعديل القانون الاساس (الدستور العراقي) ، اذ ألفت الوزارة المدفعية الرابعة لتقوم بوضع اسس جديدة لتقوية المجلس النيابي،
ومنحه حق ممارسة سحب الثقة من الوزارة، واقترحت هذه اللجنة عدم حل مجلس النواب الا عندما تقتضي الضرورة بموافقة اكثرية ثلاثة اخماس الاعضاء في مجلس الاعيان، واقترحت اللجنة اجراء بعض التعديلات في حقوق الملك وواجباته وجعلها تسير وفق توازن السلطات الثلاث، نظرا للظروف التي تمر بها البلاد وتجارب الحقبة الماضية، ونعتقد بأن لائحة تعديل الدستور المقدمة الى مجلس النواب والاعيان تعد مبررا رسميا اقدمت عليه حكومة نوري السعيد لتحقيق بعض نوايا السلطة التنفيذية، ومنحها سلطة اوسع باسم صاحب الجلالة، واطلاق فاعلية بعض المواد التي تراها الحكومة جامدة، لاحراك فيها خاصة في حقبة مهمة يجتاز العراق احداثها، فكانت تلك اسباب موجبة لتعديل الدستور. لكن هذه اللجنة لم يحالفها التوفيق في انضاج مقترحاتها بسبب وفاة الملك غازي، اذ ادى ذلك الى اهمال فكرة التعديل، ولم يبق لمقترحاتها سوى قيمة فقهية لا اكثر، هذه الفكرة لم تمت اذ تجددت ثانية في اعقاب حركة مايس عام 1941، فشكلت الحكومة لجنة جديدة، لتأخذ على عاتقها انضاج فكرة التعديل، وواجهت هذه اللجنة، مشكلة معقدة تلك التي تتعلق بحقوق الملك زمن الوصاية، لكون المادة 22 من القانون الاساس العراقين قد نصت على انه: لايجوز ادخال تعديل ما في القانون الاساس مدة الوصاية بشأن حقوق الملك الدستورية لذلك رفعت اللجنة هذا الالتباس الى المحكمة العليا لاعطاء اللجنة الصلاحية بذلك، على اية حال وافقت المحكمة العليا، لأسباب تعتقدها بأن هذا التعديل القصد منه زيادة حقوق الملك، فهو لايناقض منطوق المادة(22) من القانون الاساسي. باشرت اللجنة اعمالها في 5 كانون الثاني عام 1943 ، قدمت اقتراحاتها الى الوزارة التي احالتها الى البرلمان في 23 اذار عام 1943 اذ تم تشكيل لجنة دستورية لهذا الغرض ضمت خمسة وعشرين نائبا للنظر في لائحة التعديل. عقدت هذه اللجنة عشر جلسات بدأتها في 27 اذار، واقرت قبولها المقترحات بعد اجراء تعديلات طفيفة، وادخلت هذه اللائحة في منهاج الجلسة التاسعة والثلاثين بتاريخ 20 مايس عام 1943. بدأت مناقشات مجلسي النواب والاعيان للنظر في أمر اللائحة واقرارها بعد ان تأكد للمجلسين ضرورة وضع مواد خاصة لتعزيز مجلس الامة وجعل سلطته أوسع ما هي عليه، والاشراف على السلطة التنفيذية ، طالما ان بريق امل حاول نوري السعيد تمريره على مجلس الامة وايهامه له حين خطب في مجلس النواب بتاريخ 9 تشرين الثاني عام 1939 اثناء دورته الاعتيادية قائلاً: يجب ان نغير الدستور ونجعله على شكل يضمن على الاقل سلامة المجلس من الحل. كان هذا مثار اهتمام الصحف في حينها بتوجيه الانظار الى المجلس بعد تصريح رئيس الوزراء (نوري السعيد) اذ ذكرت الرأي العام ان تعديل قانون الانتخاب وتعديل الدستور ليس بالامر السهل، كما ان المشتغلين به لم يستقروا على اسس معينة، وطالبت هذه الصحف بأن من مستلزمات الديمقراطية الحقة أنها يجب ان تمارس من قبل الشعب في حياته العامة، وان يتمتع الشعب بالحريات العامة لاصلاح الدستور، ان مناقشات مجلس النواب كانت تدعو الى التفاؤل بايجاد صيغ افضل للخروج من دائرة التدخلات التي سئمت مجالس النواب منها، وقد اثارت هذه تساؤلات النواب المعارضين للسلطة ابان هذه المدة، جاء على لسان النائب محمود رامز قوله نصا: "اني لم اجد في خطاب له تصريحات خطيرة في هذا الموضوع فهل انه مصمم على التعديل ولماذا لم يذكر في المنهاج شيئا عن هذه القضية، ولاشار النائب مولود مخلص الى الموضوع بقوله: "فالقانون الاساسي يجب تعديله، كما كان قد صرح فخامة رئيس الوزراء بتعديله، فأنا لا أرتضى السكوت عن تعديله، فلنفسح المجال للامة بأن تكون الاحزاب ولا تجعلها بعدئذ عرضة للسوق الى العمارة" أي بمعنى توفر الحصانة الدستورية للبرلمان والاحزاب وعدم زج اعضائها في السجون والمعتقلات مستقبلا. وقبل انتهاء دورة المجلس النيابي تقدمت الحكومة الى مجلس الامة بلائحة للقانون الاساس العراقي لتحل بعد مناقشتها واجراء التصديق عليها محل القانون المعمول به، وهذه اللائحة هي موضوع الدرس والمناقشة، من لدن اللجنة الى شكلها مجلس النواب. رأت الصحف ان اول ما يجب البحث فيه عند تعديل القانون الاساس هو تأثير احكام ذلك القانون في الحياة السياسية في العراق منذ تشكيلة والى هذا الزمن ، وأوضحت الصحف ان الشعب لم يتمتع منذ صدور القانون الاساس حتى هذا التاريخ بقسم كبير من تلك الحقوق، التي ضمنها له الدستور، وطالبت ايضا ان يكون التعديل الجديد للقانون الاساس تعزيزا للحياة الدستورية ، ونبهت ان الوقت الراهن في ظل الحرب لايمكن ان يكون مناسباً للتعديل في هذا القانون، سواء اكان ذلك تعديلا جوهريا أم ثانويا، لأن الشروط اللازمة على تعديل كهذا، لايمكن توفرها بالشكل الصحيح في ظروف الحرب. اثارت هذه التساؤلات الرأي العام العراقي، وألمحت للمعنيين في
الحياة البرلمانية في العراق 1939 - 1945
نشر في: 21 فبراير, 2010: 04:48 م
جميع التعليقات 1
بشير انور لعيبي
حياك الله دكتور