TOP

جريدة المدى > ملحق المدى الرياضي > رؤى بلا حدود: البدري سبق العرب باستقالته

رؤى بلا حدود: البدري سبق العرب باستقالته

نشر في: 23 فبراير, 2010: 04:51 م

علي النعيمي قبل عام من الآن أطلق الإعلامي المصري د.علاء صادق استقالته الشهيرة على الهواء مباشرة رامياً بأسلاك مايكروفونه الذي أوصله بقلوب عشاقه ليترك برنامجه من غير رجعة.يومها تأهبت مشاعري للكتابة إلا أني كبحت جماحها إذ ان الموقف سجل نفسه بنفسه وأيقنت لحظتها بموضوعية مبرراته التي جاءت من وحي المهنة وأخلاقيتها ،
 وقبل أيام تكرر ذات الموقف فإذا بإحدى الإعلاميات العربيات تعلن استقالتها على الهواء ، فارتسمت حروفها على شفتيها اللتين ارتجفتا ألماً لحظة النطق بها أما إيماءة الوجه فقد اختزلت الموقف برمته وهي تقول حانت لحظة الفراق!على الرغم من أن هذه الاستقالات لم تصل مرحلة الظاهرة أو عرفا متبعا في أجندة إعلامنا العربي أو بما بات يعرف بـالاستقالة الارتجالية على الهواء، إلا أن أسطورة التعليق العربي والعراقي مؤيد البدري كان أول من انفرد بتلك الاستقالة من دون كل الإعلاميين العرب وتحديداً قبل سبعة عشر عاماً قبل انتشار الفضائيات، عندما لوح بيديه مودعاً جماهيره في منظر تراجيدي حزين ليقدم استقالته أولاً وليوقف برنامجه الجماهيري "الرياضة في الأسبوع" بعد أن أمضى أكثر من 30 عاماً نسج خلالها أجمل الأخبار ونظم أروع قلائد الصراحة وعلّمنا أساليب النقد وغرس في عقولنا ثقافة الرياضي المتحصن بالمعرفة ولخص لتلك الأجيال فنون الإعلام المرئي وصوّرها للجميع على أنها لوحة رياضية امتزجت فيها الألوان بمضامين سامية حتى دارت وحلّقت في حلبات الرياضة ومضاميرها لتعود إليه ومعها قطع خضراء ندية اقتلعت من أديم الانتصارات ولتجسد فينا مآثر بكاء الفوز وترانيم الخسارة بكل تفاصيلها من دون أية تقاطعات او عداءات عبر نافذة برنامجه الفريد الذي لن يبارح مخيلة العراقيين أبدا.لقد أعلن البدري استقالته بكل هدوء ورباطة جأش وامام ملايينه العريضة التي لم تصدق الخبر إلا بعدما حلّ الثلاثاء الذي تلاه من دون أن تراه، ساعتها أدركت مقصده جيداً واستشفت صرخته الصامتة من لمعان مقلتيه اللتين اغرورقتا بالدمع على تلك العلاقة السرمدية التي جمعته بعشاقه فانتظمت أواصرها بعفوية الإلقاء وارتبطت بعذوبة صوته المميز وغيرها من الصور المكتنزة التي لا تزال تجلس متيقظة بين ثنايا الذاكرة.لقد قدم لنا أبو زيدون كما لسائر العرب درساً بليغاً في فنون الاستقالة الهوائية وبعث برسائل احتجاج ناقمة لم يتجرأ أحد قبله على أن تنبس شفتيه بكلمة خارج النص المكتوب فكانت النهاية في لحظة البداية في زمن (الحصار) أيام الألم العظيم بيد أنه أوصد الأبواب على أسرار المهنة وقبع مكابداته ومسيرة ذكرياته الحافلة رامياً إياها في غياهب يمّ عميق لا يصله إلا قلب البدري إلا ان الشوق يحدونا لمعرفة اسرار هذه الحكاية وها هنا اليوم نستأذن من جوارحه على البوح لنا كأنها دروس بليغة يهديها لكل من اعتبره ولا يزال يعتبره على انه قدوته ولكل من ضاع في وصال (كاريزميته) علّنا نفقه شيئا عن تلك الثقافة التي مُحيت تماماً من بال قادتنا الرياضيين الذين شطبوا من عقولهم (الاستقالة) ليثبتوا دعائم بقائهم (الخالد) تارة بمسامير (الولاء) وأخرى بسلاسل (المنفعة)!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

الصناعة يسعى لاستعادة الصدارة والكرخ لمغادرة المركز الرابع

الصناعة يسعى لاستعادة الصدارة والكرخ لمغادرة المركز الرابع

بغداد / خليل جليليسعى فريق نادي الصناعة لكرة القدم الى العودة الى صدارة الترتيب عندما يواجه مضيفه الكهرباء اليوم الاثنين في ابرز مواجهات الدور الاول من المرحلة الثانية لبطولة الدوري ضمن المجموعة الشمالية (الأولى)...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram