صفاء العبد سمعنا الكثير في الآونة الأخيرة عن مبادرة هنا وأخرى هناك بشأن المحاولات الساعية الى لملمة جراح الكرة العراقية، تلك الجراح التي تمخضت عن أخطاء ما كان يجب ان تحصل أصلاً فيما لو لجأنا منذ البداية الى صوت المنطق المجرد من لغة "الأنا" ولغة "العناد" وكلاهما كانا بمثابة السكين التي أرادت، بوعي او دون وعي، ان تذبح كرتنا المسكينة من الوريد الى الوريد.
لا نريد ان نخوض في تفاصيل ما أصبح من الماضي، برغم اننا سبق ان حذرنا هنا على صفحات "المدى" من خطورة ما يمكن ان يحدث من جراء اي تسرع في اتخاذ قرار غير مدروس او غير مدرك لعواقب الأمور، غير ان صوت "العناد" كان هو الأعلى مثلما كانت "الأنانية" هي التي طغت على تصرفات قد لا تتفق مع ما كنا نتمناه من أناس يفترض ان يكونوا اكثر ايثارا بحكم الروح الرياضية التي تربوا في كنفها.واليوم، وبعيدا عن ذاك الذي اصبح ماضيا نقول ان ما ننتظره هو "عودة الوعي" لهذا الطرف او ذاك، وإدراك حقيقة ان ما حصل كان مجرد خوض في متاهات لا يمكن ان تؤدي بنا سوى الى الضياع وإهدار الزمن في وقت نحن فيه بأمس الحاجة الى هذا الزمن الذي نفرط به بلا رحمة بعد ان أصبحنا نعدو ومن أمامنا الكثيرون ممن سبقونا وتركونا هناك فيما أصبح بالنسبة لهم من الماضي البعيد..!ومع انني لا اعرف الكثير عن تفاصيل ما يجري خلف الكواليس بشأن ما يقال عن مبادرات مطروحة في الداخل الا انني أتمنى ان تكون مبادرات ناضجة ومستوعبة لكل الحقائق ويمكن ان تضع حدا لهذا الألم الذي يعتصر قلوب جمهورنا الرياضي كله وهو يشهد كرته وهي تئن على وسادة المرض تحت وطأة ما حدث.غير انني في مقابل ذلك اكاد اجزم بمعرفتي للكثير من تفاصيل تلك المبادرة التي أطلقها نجم الكرة العراقية السابق وأحد ابرز شخوصها الأخ عدنان درجال .. فعلى الرغم من انه يحرص على الإبقاء على تفاصيل تلك المبادرة طي الكتمان وعدم البوح بأسرارها قبل ان تطرح على جانبي "الأزمة" سعياً لضمان عناصر نجاحها بعيدا عن اية تدخلات غير مرغوب بها من خارج الوسط الرياضي، الا ان الواضح هو انها تحمل صفة "العقلانية" وتفرض وجوب التنازل عن لغتي العناد والأنانية والارتقاء بالطرح الى مستوى وحجم المسؤولية الكبيرة والتخلي عن كل ما يمكن ان يؤذي ويضر بالمشاعر والمصلحة الرياضية العليا في عراقنا الحبيب .ولعل الاهم هنا هو ان ما لمسته في هذه المبادرة هو انها عراقية الانتماء وبعيدة كل البعد عن اي تدخل خارجي إضافة الى انها لا تحسب على شخص بعينه بقدر ما تحسب على مجموعة من ابناء العراق المخلصين ومن الملاكات المعنية بشأن لكرة العراقية وذلك من خلال الإسهام في بلورتها عبر أفكار وطروحات بناءة جاءت لتغنيها وتعمق فاعليتها لتجعلها بمستوى الحدث وترتقي بها الى ان تكون فعلا حلا ممكنا لهذه المحنة التي تعانيها كرتنا اليوم. لست راغبا هنا بان أكون مبشرا لهذه المبادرة او تلك، لكنني أقول انني لمست لدى درجال وزملائه، ممن يحرصون على مساعدته في تبني وتطوير افكار هذه المبادرة، رغبة صادقة وحقيقية في محاولة الوصول الى تجاوز هذه المشكلة التي استعصت على الحل منذ فترة ليست بالقصيرة وباتت من المشاكل التي تؤرق كل المعنيين بشأن الكرة خصوصاً والرياضة العراقية على وجه العموم.. وربما استطيع القول أيضاً بان ما جاء في هذه المبادرة يختلف عن سابقاتها ويحفظ للكرة العراقية هيبتها وحقوقها ويعيد لجمهورنا البسمة لاسيما انه يتسامى على "الشخصنة" ليرتقي الى المصلحة العليا وهي مصلحة العراق وسمعته الرياضية.أقول ان من بين أهم عوامل النجاح، سواء لهذه المبادرة او غيرها من المبادرات التي تتجمّل بروحية العراق وتسمو الى علوه وعظمته وسطوع اسمه، هو ان تكون رياضية المنبع، بمعنى ان يترك امر معالجتها الى أصحاب الشأن من الرياضيين وابناء هذا الوسط لاسيما وان في هذا الوسط العديد من الكفاءات المرموقة من المخلصين القادرين على مداواة الجراح والنأي برياضتنا وكرتنا بعيدا عن اية انزلاقات.نعم، ننتظر الحل ونأمل في ان يكون الامثل بين الطروحات بغض النظر عن كونه ينتمي الى هذه المبادرة او تلك.. فالذي يهمنا أولاً وأخيراً هو ان ننتشل كرتنا من هذا المطب، بل من هذه المحنة التي دُفعت اليها بطريقة ظالمة وفيها إجحاف كبير مثلما فيها من "السذاجة" الكثير أيضاً مع شديد الأسف.جوهر الكلام: أليس غريباً ومعيباً أيضاً لكرة، رموزها البدري وزينل وعجاج وشامل كامل وجمال صالح ودرجال وغيرهم من الأسماء الساطعة، وهي تدور في فلك المزالق والمتاهات التي تعصف بها بمثل هذه الطريقة المحزنة والمؤلمة..؟!safaalabed@hotmail.com
خارج الحدود : كرتنا الصابرة.. بين المحنة ومبادرات الإنقاذ
نشر في: 23 فبراير, 2010: 05:02 م