TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العقل الثقافي العربي ومحنة الأسئلة

العقل الثقافي العربي ومحنة الأسئلة

نشر في: 23 فبراير, 2010: 05:06 م

علي حسن الفوازالكثير من إشكالات الثقافة العربية الرسمية مبعثها الطبيعة الازموية التي يعيشها العقل السياسي العربي الذي مازال يعيش خارج التاريخ، والذي اسهم في انتاج ظاهرة النظام العربي المسؤول عن صناعة الأزمات والهزائم، وربما هو المسؤول عن انتاج مشكلة الدولة التي تفتقد خصوصية الامة،
 هذه الدولة التي عاشت تحولات ماسمي بمرحلة التحرر الوطني من الانماط التقليدية للاحتلالات الغربية، والتي صنعت نخبا عسكرية، اونخبا اجتماعية ذات مرجعيات تجارية او دينية او ايديولوجية، ولم تصنع ثوارا بالمعنى الرومانسي الثوري. اذ تحولت هذه النخب الى مراكز لانتاج مهيمنات او مقدمات للرمزية العسكرية التي فرضت سلطتها على اغلب الدول العربية من بداية الخمسينات من القرن الماضي والى يومنا هذا.. قد يقول البعض، ما هي العلاقة بين العقل الرسمي وبين هذه الظواهر؟ وهل ان الرمزيات العسكرية والإيديولوجية هي المسؤولة عن صناعة مجالات قهرية تبدت فيها العديد من اشتغالات العقل الثقافي العربي؟ احسب ان هذه الاسئلة تفتح العديد من الكوى داخل مسارات التحولات العاصفة التي فرضت نقسها على الواقع السياسي العربي، والتي اصطنعت لها مؤسسات للدولة العسكرية او الامنية، مقابل اصطناع مؤسسات ثقافية(اعلامية وفكرية) عززت وجود انماط الحاكميات الجديدة، والبستها نوعا من التماهيات التاريخية، فضلا عن دورها في تبرير الكثير من رمزية سلطتها وقمعها وحروبها وحتى هزائمها فيما بعد. ولعل انماط الحكم في مشرق البلاد العربية ومغربها وطبيعة(التصنيع الثقافي)الذي رافق نشوء هذه الانماط يعكس ازمات المؤوسسات الثقافية، وازمة العلاقة مابين الثقافي والسياسي، مثلما يعكس الازمة مابين الفاعلية الثقافية ومظهراتها في صناعة الاطر الحضارية للدولة، ولخصائص البنى الانسوية فيها، خاصة فيما يتعلق بالحريات والحقوق والنظام الاجتماعي الكافل لقيم المواطنة والمعيش والعدالة والمساواة وغيرها من الحقوق المدنية. ازمة صناعة هذه المفاهيم هي ذاتها ازمة العقل الثقافي داخل مؤسسة الدولة، لان هذا العقل تحول الى عقل(تابع)وان الاستبداد السياسي تحول أيضا الى استبداد ثقافي، وبالتالي فان هذه التابعية تحولت فيما بعد الى ظاهرة قمع وطرد، واحيانا ظاهرة توصيف للعلاقة المأزومة بين المثقف والسلطة. ازمة العقل الثقافي لم تكن ايضا ازمة ظاهرة لصناعة الدولة التي اتجهت الى صناعة نموذج(الدولة القوية) وأهملت التوجه الى تعميق بناء المؤوسسات الكافلة لمعطى التحول من الدولة المحتلة الى الدولة المتحررة، والدولة القوية بالتتابع تحولت دولة استبداد وقهر سياسي، وذات انظمة حكم ديكتاتورية لم تفرط بهيمنتها الاّ عبر الانقلابات الدموية التي انهت مشروع الدولة المدنية، واسهمت في صناعة هوامش واسعة للقهر السياسي والاجتماعي والثقافي. ناهيك عن صناعة نوع من السايكوباثيا الثقافية التي انتجت امراضا معقدة في الاوساط الثقافية العربية، هذه الامراض انتقلت الى الواقع والى العلاقة مع السلطة، مثلما انتقلت الى المزاج، هذا المزاج الذي بدا خاضعا لمنظومة معقدة من الافكار والاوهام، تلك الي تذهب به بعيدا عن المزيد من التشوهات التي تتضخم فيها الانا، وتتعقد فيها اجراءات الوعي والمسؤولية.. المزاج السياسي/الثقافي قد يكون جزءا من اشتغالات الوعي اليومي، وقد يكون جزءا من ازمته، تلك الازمة التي تستدعي عصاباته الجوانية التي جعلته مزاجا مشوها في علائقه وفي طرائق تداول مخرجاته التعبيرية، تلك التي اصطنعت له اوهاما مفخمة، وهروبات مأزومة، وعقد وعزلات ومخاوف من السلطة ورموزها، والتي قد يعزوها البعض كسبب للصفة الهروبية التي اتسمّ بها(المثقف العربي) في تعاطيه مع مواقف وممارسات وانماط معيش تفترض اشكالا من المواجهة الاخلاقية مع مهيمنات الاستبداد، ناهيك عن الاعراض النفسية والسلوكية ذات البعد الازدواجي خاصة في تعاطيه مع بعض الرموز الثقافية، والتي لا تنفصل عن رمزية الأب المهيمن والسلطة المهيمنة، وكذلك التعاطي مع انماط الثقافات الأجنبية، اذ هو تحت تعقيدات هذه الفوبيا الراكسة في اللاوعي نجده يتعاطى مع الاخر بنوع من(المهابة) والاشراق والهلع الحضاري، حيث يضع هذا الاخر في صلب اهتماماته التي تقوم على اساس المشاركة في المهرجانات والندوات والمؤتمرات، يبتكر لهذه الاهتمامات نظاما لغويا وبصريا ومفاهيميها توحي بنوع من الانفتاح الشفيف على الاخر، والتحضر في سياق منظومته الثقافية. لكن صانعي هذا المزاج يكشفون عن سلوك اخر، سلوك عدواني، مازوشي، عصابي ازاء الذات القومية، وإزاء الذوات الأخرى المساكنة لها في الجغرافيا الطبوغرافية والسياسية.. هذاالمزاج لايمكن تفسيره الاّ بانه مزاج مرضي، مزاج لشخصية قهرية تعاني من اشكالات تركيب الوعي وتداول علاماته وافكاره، فضلا عن كونه مصابا بنوع من الارتكاس الطفولي اللغوي..اذ تبدو منطومته اللغوية محمولة على انتاج وتداول شفرات لغوية خاصة(اوصاف، شتائم) والتي لايمكن التعاطي معها الاّ على اساس انها شفرات تنتمي للذات اللاوعية، الذات المقهورة، الذات الاغرابية.. ولعل الموقف الثقافي من الحالة العراقية هوما يختصر هذه الازمة، ازمة الشخصية السياسية والثقافية العربية، اذ ان العدو المفترض للذا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram