TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك: وهاهم يحلمون

هواء فـي شبك: وهاهم يحلمون

نشر في: 23 فبراير, 2010: 08:19 م

عبدالله السكوتي في جزيرة ما وعلى اطرف عالم متهاوٍ، بعيدا هناك خلف قضبان اليأس القاتل، والمسير بجوار الجدار، هربت الغربان بعد ان اطيح بها في نقلة عجيبة نقلها الملك الرابض على الرقعة الكبيرة، فأمات بها الغراب الكبير، ولذا غادرت زمر الغربان اجواء الجزيرة، وخرجت طيور الحب تتناول الربيع بمناقيرها، تزقزق لصغارها وتعطي الصباح لونا جديداً بعد ان كان قاتماً؛
 انتشرت الطيور الصغيرة والكبيرة في مرح مستمر، تتمتع بالحب والحرية مستذكرة زمن الغربان، بذكريات مريرة، تسترجع بها الطيور المسكينة رحلتها مع الغربان الضالة.وفي اختلاف للاراء وفرح بالمنجز الكبير تسللت بعض تلك الغربان، واندمجت بالطيور الصغيرة، متذرعة انها عادت تناغي طبيعة الطيور وتحاول ان تحيا حياتها، لكن الطيور الصغيرة ضجت وطارت وحطت ولام بعضها بعضاً، على تسرب الغربان واقتحامها من جديد عالمها الذي اصبح بالكاد جميلاً فتناثرت في كل الارجاء ترفض عودة الغربان؛ سمعت الغربان في ارجاء الارض، فحملت احمالها وعادت تطارد احلامها القديمة تريد الانقضاض على التغيير الذي احدثته ثورة الطيور؛ الاعلام الذي احاط بعودة الغربان اعطاها الامل والجرأة على الانقضاض من جديد بمخالب النسور، مؤملة نفسها بالسيادة من جديد، عندها انتبهت الطيور الى نفسها وقالت لقد بالغت بالامر حينما رأيت غراباً او غرابين حتى تجرأ الاخرون وسمعوا عن طريق تهويل الامر من قبل الاعلام فظنوا انهم قادرون على العودة والعمل من جديد، لو تركت هذين الغرابين لطردتهم الطيور ولكن بموقفي منهم اعطيت حجماً لعودتهم وسمع الاخرون فطبلوا وزمروا، واخذوا يعدون العدة للانقضاض على الجزيرة.ما كان غراب واحد او اثنان ليقيموا دولة الغربان ثانية فلماذا اجهدت نفسي وعممت اعلانا على الجزر الباقية ان الغربان عائدون ، وزرعت في نفوسهم حلما في العودة ، وهاهم يحلمون. ومع ان الاحلام جائزة لكل كائن ، لكنها بعيدة عن متناول هؤلاء ، لأن الأمس يشير الى ساعاته بالبكاء وحوائط المبكى شاهدة على جرائم تعدت حدود العقل والطبيعة .صوتنا الذي نادى بأقصاه: لانريد الغربان يكفي لإبعادهم عن الساحة ، فما ضرورة ان نلجأ الى اسلوب جعل من الغربان كائنات مسكينة ومظلومة بعد ان اجتازت منطق العقل واوغلت في الجريمة والموت .الغربان التي غادرت جزيرتنا تحاول العودة بأجندات خارجية ، تمارس الضغط على جهات دولية للسماح بعودتها ، وجربت اكثر من طريق ولكنها ستفشل وستلجأ للتآمر من جديد ؛ لايمكن ان تتعايش طيور الحب مع هذه الناعقة التي نعقت على ارضنا فدمرتها وعاثت بها فسادا ، غراب في المدرسة ، وغراب في الجامعة ، وآخر في المستشفى ، وغراب قرب بيوتنا ، وغراب في البرلمان ، ومنهم من جثم على صدورنا ، انهم الغربان وهاهم يحلمون .وحدث في مدينة ما منذ عدة قرون ان غرابا تافها عطل المدينة وشرب دماء ابنائها، وفي لحظة وجد وحب واجتماع ، سيطر الحمام والديوك على المدينة وقاموا بنتف ريش الغراب ، ليتركوه عاريا في الطرقات ، يركض من مكان الى مكان ، وهو منذ عدة قرون يهرول باستمرار ، ويستطيع السائح والزائر الجديد ان يشاهده في هذه المدينة الاسطورية ، ليس السندباد او على بابا وانما هو غراب ليس الا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram