سعدون هليل"نعم لن نموت، نعم سوف نحياولو أكل القيد في عظمناولو مزقتنا سياط الطغاةولو اشعلوا النار في جسمنا"الشاعر الفلسطيني معين بسيسو
على الرغم من البحوث والمقالات الكثيرة عن الصحافة وتاريخها وسير أعلامها فإن صفحات كثيرة منها لم تزل تستحق البحث والتذكير، فقد برزت في السماء نجوم لامعة انتشرت أثارها في بطون الصحف والمجلات وهي جديرة بالجمع والتوثيق، ومنها مقالات فقيد الصحافة العراقية المناضل الشهيد عبد الجبار وهبي "أبو سعيد" الذي كان من كبار رجال الصحافة السياسية وأحد أبرز كتاب العمود المقالي.ولعل من الطريف ما شاع في الخمسينيات من القرن المنصرم، كان الناس يقرأون "اتحاد الشعب" بالمقلوب أي من الصفحة الأخيرة لوجود عمود الكاتب والمناضل الساخر "أبو سعيد".كما كانت "طريق الشعب" أيام السبعينيات أيضاً تقرأ هي الأخرى بالمقلوب لوجود عمود أبو كاطع شمران الياسري "احجة بصراحة"، وهذا يدل على اهتمام القراء بتلك الأعمدة الجريئة التي افتقدتها صحافتنا لفترات طوال وما زالت.ان أسلوب "أبو سعيد" أشبه بما عرف بالسهل الممتنع، فكانت وحدة الموضوع متجسدة بابعادها وبأسلوب صحفي لأن الأسلوب الساخر عند عبد الجبار وهبي في الكثير من كتاباته لا ينم عن "تطرف حزبي أو سياسي" وما يضمه من عبارات ساخرة على الرغم من حساسية ما عرضه من المقالات الكثيرة التي نشرها على سنوات، فقد كانت فترة الكتابة الذهبية عند "أبو سعيد" في السنوات 1959-1960 في جريدة "اتحاد الشعب" التي عملت من أجل عراق ديمقراطي حر.وفي تموز 1963 أعلن الحكام الفاشست انقلابيو شباط الأسود أنهم اعدموا شنقاً، المناضل عبد الجبار وهبي مع الرفيقين الخالدين جمال الحيدري ومحمد صالح العبلي تجسيداً لحقدهم على رموز وشعب تموز وانتقاماً منهم وتخصصاً من نشاطه البطولي، ولهذا دفع الحزب الشيوعي العراقي ثمناً باهضاً وفتحت أبواب السجون للشيوعيين والديمقراطيين.كانت حفلات التعذيب التي قام بها البعث العفلقي وهو حزب ذي نزعة دكتاتورية فاشية، ومن أجل ذلك سقط الشهداء دفاعاً عن الحرية والديمقراطية، وبقاء الحزب الشيوعي العراقي حياً صامداً في وجه انقلابيين 8 شباط الدموي، وكان بيان رقم (113) السيئ الصيت وأعلنت إذاعة بغداد في آذار 1963 عن تنفيذ حكم الإعدام بحق السكرتير الأول للجنة المركزية "سلام عادل" ورفيقيه محمد حسين أبو العيسى وحسن عوينة.ومن الجدير ذكره ان الحزب الشيوعي العراقي أصدر عام 1984 لمناسبة اليوبيل الخمسيني لتأسيس الحزب، طبعة خاصة لمجموعة من مقالات الشهيد بعنوان "أبو سعيد" مقالات مختارة طبعت بسبب ظروف الحزب النقالية آنذاك بطريقة الرونيو، نطمح من خلال هذه الكلمة السريعة لجمع أثاره وهي ليست من الواجبات الوطنية والاجتماعية فقط، بل من صميم الواجبات العلمية والتوثيقية لأن "أبو سعيد" علم من أعلام الصحافة الواقعية الملتزمة التي حاولت الطغمة الحاكمة بعد 1963 التعتيم على تاريخه وأثاره الفكرية.ان في حوزتي ارشيفاً للعديد من مقالاته الصحفية التي نشرها في جريدة "اتحاد الشعب" وأهل ان تتاح الفرصة لطبعها ليطلع القراء الكرام على هذا التراث الثمين.
"أبو سعيد" ودعوة لجمع أثارة المقالية
نشر في: 24 فبراير, 2010: 05:59 م