صباح محسنعودة اخرى لأعمال الروائي المثير للجدل دان براون، والذي قدمت روايته الممتعة (شيفرة دافنشي) منذ فترة في فيلم جميل ورائع قام باخراجه نفس مخرج هذا الفيلم ومثل الشخصية الرئيسة فيه الممثل البارز توم هانكس، لتكون العودة هذه المرة على يد المخرج رون هيوارد الحائز على جائزة الاوسكار لعام 2002 عن فيلمه المتميز abeautiful mind
بطولة راسل كرو وفيلم آخر مهم cinderalls man وبعض من افلام الرعب. تمكن المخرج رون هيوارد من ادوات عمله، بدءا بمكان التصوير، الى اختيار الممثلين، حيث وفق كثيرا في ادارة كاميرته في اقبية الفاتيكان واروقته الضيقة ودهاليزه المعتمة مرورا بفضاءات القاعات المخصصة للعبادة والتي ازدهرت بمساحاتها المهولة والفخامة في ارضياتها وواجهاتها واضلاعها المزدانة بالرسومات التي تعود لعصر النهضة، وكل تلك المنحوتات والايقونات المنتشرة في مداخل المبنى وخارجه ليستغل المخرج كل ذلك ويضع لمساته الموحية بصريا ويقدم مشاهد تثير الريبة والشك والمفاجآت احيانا كثيرة، معتمدا في ذلك على اجواء الرواية والموضوع المطروح باسلوب بوليسي لايخلو من شد جراء قوة الحدث وليتمكن من حسم ادارته للحالة التي بدت عليها الاحداث المشدودة بزمن واحد والتي تناولت مجتمع سري قديم معاد للكنيسة ويطلق على نفسه بالمستنيرين حيث يعتقد ذلك الفريق او التجمع بأنهم انبعثوا من التراب ولينقتموا من الكنيسة عبر تدمير الفاتيكان بعد مقتل عالم ينتمي لهم يدعى ليوناردو فيترا ليضعو وشم تلك الطبقة على صدره بشكل صليب ذو اضلاع حادة وفخمة، حتى وصول الاحداث لليلة اختيار البابا الجديد، حيث تقوم تلك المجموعة بخطف اربعة من الكرادلة تم ترشيحهم لمنصب الحبر الاعظم ليتم تصفيتهم بطريقة مروعة والقيام بنقش احد الرموز الاربعة على صدر كل منهم حتى يتم الوصول الى ماسة الطبقة المستنيرة التي ينشدون. قام باقتباس العمل وتحويله الى السينما دافيد كوب واسندت مهمة كتابة السيناريو للسيدة اكيفا غولدسمان، وجسد شخصية روبرت لانغدون الممثل توم هانكس وبدور فيتوريا فيترا الممثلة الايطالية اليت زورر والممثل ايوان ماكريغر بدور القس ماكينا والممثل المتألق ستيلان سكاريجر بدور الكوماندور ريتشر والممثل المتألق نيكولاج لي كاس بدور المخلص او المنفذ مع الممثل المخضرم ارمين مولر بدور الكاردينال ستراوس واخرون. عمد المخرج رون هيوارد الى الاحالة الفكرية والتي ضجت بها الرواية لكن بطريقة مغايرة، اذ وردت اشارات كثيرة عن انقاذ الكنيسة والبابا يتدخل امريكي اومن خلال محلل الشيفرات والعلامات البروفسور روبرت لانغدون، وتم التلويح باطنيا بالانقاذ الامريكي او وجهة النظر الامريكية لتثبيت الحالة الدينية التي تجري خيوط صناعتها داخل الفاتيكان وترميم بعض من الخراب الذي اصاب تلك المؤسسة الدينية الضخمة!.حيث تبدأ الاحداث باستدعاء البروفسور من داخل الجامعة التي يلقي محاضرات فيها وفي مشهد اكثرإسترخاءاً حيث يكون البروفسور داخل مسبح الجامعة وهو يخترق الماء بهدوء واسترخاء واضحين، ليتقدم شخص متأنق ويقف على حافة حوض السباحة وهو يبلغه باستدعائه من هيئة اممية للوقوف على الحالات المبهمة التي تدور في اقبية الفاتيكان واعتباره احد المهتمين بعلم الاشارة او العلامة، وهذا المشهد تحديدا، كان الوحيد قد تم تصويره خارج حدود الفاتيكان وكان الاستراحة الوحيدة في الفيلم، اذ تبدأ بعد ذلك سلسلة احداث متسارعة ومتتالية دون قطع، وكأن الحدث متواصل دون التبرير للقطع، وقد نجح المونتير كثيرا في هذا الامر، حيث بدت احداث الفيلم من الساعة 7 صباحا لتنتهي ظهيرة اليوم الثاني، ضمن متوالية مستمرة للواقعة. ومن خلال متابعة العالم لانغدون لبعض الرموز والايقونات الموحية لبعض التسريبات الفكرية في عقل المستنيرين تتطور الاحداث لتكشف عن مداخلات جديدة تكون الاطراف المشتركة فيها بعيدا عن الشبهات مثل شخصية ماكينا والذي يشغل الامين العام لمكتبة الفاتيكان لنكتشف قيامه بتلك المؤامرة وتأسيسه لكل ذلك! وبعد ان يقوم بتسجيل وتصوير كل الوقائع داخل المجلس السري للكرادلة من مكان سري ويستقدم قاتل محترف لتصفية كل الخصوم بطريقة باردة حيث يقوم باغتياله بتفجير سيارته بعد ان يقضي له على كل خصومه. استغل المخرج الامكنة الضيقة والمفتوحة داخل مؤسسة الفاتيكان في آن واحد، حيث تحركت كاميرته بدراية وفهم لاصطياد المناطق المهمة والصعبة داخل الفاتيكان، وربما امكنة لم يسمح بتصويرها سابقا! ونجح كثيرا في هذا، وقد حاول المخرج ان يبتعد عن الاطالة في اغلب مشاهد الفيلم، وهذا الامر قد فرضه عليه السيناريو بعدم قطع الاحداث لتستمر بتسلسلها دون توقف. المبهر في الفيلم الاستمرارية في تصاعد الاحداث، حيث يتطور الحدث بعد كل مشهد حتى يصل للذروة، مع وجود مفاجآت صادمة لاكتشاف نماذج وشخصيات تتحرك بالضد من الاحداث ويتوقعها المتلقي بأنها نماذج خيرة، كشخصية ماكينا! وبعد ان تتم عملية اكتشافه بالصدفة بعد قتله للمسؤول عن حماية الكرادلة، اذ كان يقوم بتصوير كل مايجري داخل قبة الفاتيكان، وبعد ان اوهم الجميع بكشفه عملية تفجير الفاتيكان حين استولى احد مرتزقته على اداة التفجير التي تحوي داخلها بعض المواد المتفجرة غير المكتشفة مثل عصارة الكيمياء مع تمددها بمادة الـ(تي ان تي)
مـلائــكـة وشـيـاطـين..زمـن الـحدث يـتـوافـــق وزمــن الفـيـلـم
نشر في: 24 فبراير, 2010: 06:31 م