عبد الزهرة المنشداويالسياسة الصحية لدينا ما زالت دون المستوى المطلوب ومرد ذلك ليس للطبيب او من يعمل بمعيته بقدر ما هي نظرة شاملة لهذه الناحية،تبدأ من المنزل وغذاء المنزل والمدرسة مرورا بالشارع وحتى عتبة المستشفى .
الوعي والثقافة بهذا الجانب أيضاً لا يسر ولو توفر ذلك لما رأينا الحشود من المرضى تطبق على الطبيب في المستشفى فلا يستطيع العمل بأجواء مهيأة له .ونعتقد ان الثقافة والوعي مردها الى شعور الإنسان بقيمة الحياة ومحاولة الحفاظ عليها حتى الرمق الأخير لكي لا يصبح آخر الأمر عالة على العائلة وهو امر صعب ان يكون الإنسان فيه يعتمد على الغير في متطلبات حياته حتى البسيطة منها، خاصة في المرحلة العمرية المتأخرة . جمال الشيخوخة يكمن في ان يبقى الإنسان معتمدا على نفسه ولا يتكئ على غيره عندما ينهض او يجلس وهذا يتأتى من اهتمام الإنسان بصحته منذ بدايات عمره الأولى نتيجة حصوله على الثقافة الصحية من البيت او المدرسة. هذا الموضوع، موضوع الصحة، والمواطن تطرقنا إليه مرارا عديدة لأهميته أولا وشد الانتباه الى ان صحة الإنسان لا تعتمد على الطبيب بقدر ما تعتمد على الإنسان نفسه حتى أننا نسمع من بعضهم القول(أن الإنسان طبيب نفسه) ما يهم نحن هاهنا نتكلم في قضية الصحة بصورة عامة عن المستشفى والطبيب والمريض والخطط المتبعة. يجلب انتباه البعض ان المستشفيات عندنا دائما تعلن عن نفسها بعنوان (المستشفى الفلاني االتعليمي) وكلمة (التعليمي) على وجه الخصوص تثير أكثر من تساؤل منها هل ان الأولوية لمهام هذا المستشفى تعليم طلبة الكليات الطبية ؟وان كان الامر كذلك فأن الامر يعني فيما يعنيه هناك طلبة مبتدئين وينتظرون المريض المراجع ليجعلوا منه مادة او نموذجاً ليمتحنوا على جسده ما تعلموه.!وهذا يعني ان الهدف ليس المريض بقدر ما يكون تعلم مهنة بغض النظر عن نتائجها ولا نعتقد ذلك من الامور التي يجب غض النظر عنها فنحن مع تواجد هؤلاء الطلبة في المستشفيات لزيادة خبرتهم والتعرف على العلل وكيفية علاجها من خلال مرافقة الطبيب وهو يجري العملية الجراحية لمريضه. في نهاية السبعينيات تعرض احد أفراد عائلتي لوعكة صحية توجب نقله إلى أحد المستشفيات في العاصمة بغداد وفي الرواق سألنا طبيبين من المستشفى لا يزالان بعمر الشباب وبدا عليهما من الطلبة وعندما أخبرناهما عن عوارض المرض طلبا نقل المريض الى غرفة العمليات مباشرة ليقوما بأجراء عملية جراحية بناءا على المعلومات التي أدلينا بها لهم .! ولكن لحسن الحظ تدخل احد الممرضين ودعانا لرفض ذلك وانتظار الطبيب المختص ولولاه لكان ما كان . بالفعل عند مجيء الطبيب طلب أجراء الفحوصات الطبية من أشعة الى فحوصات دم وقياسات ضغط وتحليل سكر وعندما تم له ذلك وقع على علة مريضنا وامر على الفور نقله الى صالة العمليات الكبرى وأجرى عملية جراحية ناجحة ما عرفنا عنها بأنها من العمليات المعقدة جدا ولولا مهارة الطبيب وخبرته وتخصصه لما كتب لها النجاح .باعتقادنا ان الإشارة الى ان المستشفى تعليمي يمكن ان تفسر بتفسيرات عديدة منها الذي ذكرناها.
شبابيك :مستشفى.. تعليمي!
نشر في: 26 فبراير, 2010: 05:04 م