عامر القيسي فاحت رائحة سياسة شراء أصوات الناخبين ، وتحولت من الصفقات السرّية الى عرض البضائع علنا ، لاخوف ولا وجل ، امام انظار المفوضية والاجهزة التنفيذية ومنظمات المجتمع المدني والمجالس البلدية وشعيط ومعيط وجرار الخيط . وتتناقل كل وسائل الاعلام العراقية هذا العار الذي يلصقه البعض بالتجربة العراقية الجديدة ليشوّهها ويترك انطباعا عند الآخرين ان ما نقوم به وما نقوله لايتعدى الاستهلاك الاقليمي والعالمي .
وتطور امر الشراء الى البحث عن ضمانات منها ما يتعلق بحلفان اليمين بالقرآن الكريم للتثبت من صدقية وعود المواطن الذي يجد نفسه بين مطرقة الضمير وسندان الحاجة للمال ، فيما استخدمت بعض الاحزاب والكتل طريقة سحب الرباعي العراقي من المواطن " الجنسية ، شهادة الجنسية ، البطاقة التموينية ، بطاقة السكن " ويا ويله ويا سواد ليله من يتجرأ ويخالف الوعد فله وعيد اليوم الآخر وزعران الاحزاب .عمل منظم ومنهجي تقوم به الاحزاب الغنية التي لااحد يعلم حقيقة من اين تأتيها هذه الملايين ، وان كان ابن الشارع العراقي يعلم جيدا ان اموال ماخلف الحدود سخية بسخاء مفخخاتها وكواتمها ، الاولى تقتل النفس والثانية تقتل الضمير ، وقتل النفس لاهون بما لايقاس من قتل الضمير . المفارقة ان كل الاحزاب التي تمارس هذا الفعل " العار " هي من الاحزاب المشاركة في العملية السياسية ، وهي نفسها من تنادي بالعراق الديمقراطي ، وهي نفسها تتحدث عن النزاهة ومحاربة الفساد والمفسدين ، وهي نفسها ايضا من تتحدث عن كرامة الانسان وقدسيته ، وهي نفسها ايضا تقيم الدنيا ولا تقعدها صراخا وعويلا على انتهاكات حقوق الانسان . المحزن ان ثمن العراقي بخس عند هؤلاء ففي احدى المناطق الشعبية يكون ثمن "الرأس" الواحد 50 الف دينار فيما ينخفض هذا الثمن الى 25 الف دينار في المناطق الاكثر بؤسا ، اما الحديث عن ثمن اصوات المثقفين والاعلاميين فما زالت هذه الصفقات طي الكتمان لانها ستكشف عن فضائح بجلاجل كما يقول المصريون للطرفين ونحن بانتظار تسريبات خاصة لكشف المستور وفضح الامور .والحقيقة المرّة ان مثل هذه الاحزاب لايحد من تجاوزاتها مبدأ أو فكر بل وحتى المرجعية الدينية بالنسبة للاحزاب الدينية ، فرغم كل البيانات التي وصلت الى حد تحريم شراء اصوات الناخبين كما جاء في بيان لمكتب السيد السيستاني " ان صوتك ايها المواطن العراقي وصوتك ايتها المواطنة العراقية اغلى من الدنيا وما فيها فلا تبيعوا الشيء الغالي والنفيس بثمن بخس إلا ان الاستعراض مازال مستمراً ".انزلوا الى الشوارع في المناطق الشعبية وسترون وتكتشفون ان الذين يغريهم نداء السلطة اكثر ممن تغريهم نداءات الضمير والأمانة والنزاهة !وحسب جاري ابو محمد الذي اصب كل المصائب فوق رأسه لاتخلص منها ، فانه يقول : عيني الجماعة حاسبيها زين ، يكلك اللي اصرفه اليوم راح يجيبلي باجر دبل وأكثر !! اذا كانت هذه هي الحسابات الحقيقية لحيتان الانتخابات فليس امامنا الا ان نسكت عن الكلام المباح !
انتخبوا وغيّروا .. أصوات في مزاد الحيتان !
نشر في: 26 فبراير, 2010: 07:00 م