TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > وقفة :صور المرشحين

وقفة :صور المرشحين

نشر في: 27 فبراير, 2010: 05:17 م

سعد محمد رحيم تضعنا صور مرشحي الانتخابات النيابية المرتقبة، المعلّقة أمام أنظارنا في شوارع وساحات بغداد في قلب بانوراما الحياة السياسية الجديدة والصاخبة في بلادنا. ومن يقرأ تفاصيل هذه الصور بروية، بعدِّها علامات، يخرج بمدلولات مثيرة،
 وبحزمة من الأفكار والقناعات والانطباعات المتباينة. ولست أزعم أن هذه المقالة القصيرة قادرة على الإحاطة بموضوعة ثرية كهذه، لكني أود تأشير بعض الانطباعات الشخصية التي قد توافق انطباعات الآخرين بهذا الشأن، أو تخالفها، أولها أن المرء يجد نفسه، تلقائياً، يقارن هذه الحالة المبهجة والمنوعة أشكالاً وألواناً، واللافتة، وغير المشذبة تماماً، لصور مئات وجوه الرجال والنساء المرشحين لمقاعد البرلمان العراقي، الآن، يقارنها مع حالة ما قبل سقوط نظام صدام حسين حيث الصورة الواحدة المكررة حد الملل، الرسمية جداً، التي لا يكاد أحد يبالي بها، والتي كانت تطالعنا حيثما ولينا وجوهنا. ويتمثل الانطباع الثاني بملاحظة كيف أن بعض المرشحين يقلدون في وضعيات وقفتهم وحركات أذرعهم وتلويحاتهم وحتى ملامح وجوههم أحياناً وقفة وحركات ذراع وتلويحات وملامح وجه صدام (ترى لماذا؟) مثلما علقت في ذاكرتنا، كما لو أننا موعودون بتكرار التاريخ لنفسه. وثمة انطباع ثالث يتعلق بعدد الوجوه النسائية الجميلة الباسمة والناعمة، والواثقة من نفسها، والتي تلطِّف جهامة وخشونة بعض الوجوه الرجالية. لا يمتلك مرشحونا (أو جلّهم) خبرات واسعة في سيكولوجية الدعاية الانتخابية لقصر مدة التجربة الديمقراطية العراقية. ولعدم وجود مؤسسات متخصصة لدينا تستطيع تسويق الوجوه السياسية كما هو حاصل في الغرب. وهذا ما يفضي بكثر من المرشحين إلى الوقوع في أخطاء قاتلة خلال حملاتهم الدعائية. وفي سبيل المثال فإن اختيار الملابس المناسبة، ومدى تناغم ألوانها مع خلفية الصورة، وزاوية اللقطة، والتعبير الظاهر على الوجه يكسب الناخبين للمرشح أو ينفرهم منه. ومن يتمعن في صور المرشحين الحاليين يمكنه أن يؤشر حقيقة أن منها ما لا تترك انطباعات جيدة عند المشاهد. وأولئك الذين تخاطبهم هذه الصور وتنقل إليهم رسائلها لن يتعاطوا مع من ينظر إليهم (في الصورة) بتعالٍ أو عجرفة، أو بسخرية (وإن لم يقصدها صاحب الصورة). وأعتقد أن الصور الأكثر تأثيراً وجاذبية تكون للشخص ذي النظرة الذكية، لا الماكرة والخبيثة، أو الساذجة. ولصاحب الابتسامة اللطيفة، لا المستخفة أو الحائرة. ولصانع الإشارة التي تعطي الثقة والأمل، لا التي تحذِّرنا من عواقب انتخاب غيره. ولا أدري ما الذي يجعل بعض المرشحين يشهرون أصابعهم في وجوهنا كما لو أنهم يتوعدوننا بالويل والثبور. ولا أعتقد أن مثل هذه الصور تخلّف انطباعات مريحة لدى مشاهديها حتى ولو كانت العبارات المرافقة للصور تقول شيئاً آخر، أو تتوعد أناساً بعينهم. لا نأتي بجديد إذ نقول أننا نعيش في عصر الصورة وعصر السرعة. وحتى الصورة التي تحمل دلالات لا تحصى تكون، مع تدفق ملايين الصور الأخرى، معرّضة، في الغالب، للنسيان. ولاسيما إذا لم تمد لها جذوراً قوية، وخيّرة، في أرض الواقع والتاريخ. وللتذكير فإن صدام حسين ترك آلاف الصور، على امتداد عقود، والتي رغب في أن تُظهره في أحسن حال. لكن صورة واحدة، لا يُحسد عليها، التقطت على الرغم منه، يوم إلقاء القبض عليه، هي التي علقت في الأذهان.. للتذكير أقول ليس إلا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram