TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > مصارحة حرة: المنشىء .. سلاماً

مصارحة حرة: المنشىء .. سلاماً

نشر في: 27 فبراير, 2010: 10:39 م

إياد الصالحي لم اعتده بمثل هذا الإحباط قط .. تحسست خفقات قلبه المضطربة مع صوته المتحشرج بآلام وهموم الرياضة التي عاش أفراحها وأتراحها منذ ممارسته العمل الصحفي للمرة الأولى عام 1958 ، فضلا عن تأثره بالواقع المرير والعلاقات الإنسانية الهشة في المجتمع مفضلاً العزلة والتواري عن الأنظار
 حتى يتمكن من هضم الواقع من جديد بعد ان امتلأت الساحة الرياضية بمحترفي الرياء والخديعة ونهازي الفرص والمختالين على سطوح مناصب اتخذوها للجاه والمتعة وكأنها تركة مباحة من ميراث أجدادهم ! ضياء المنشىء .. المؤرخ الرياضي وأحد أعلام الصحافة الرياضية العراقية سلوكاً وعفة ومبادئ مشرفة هي خلاصة تجاربه في الميدان الرياضي والمستمدة من فهمه واطلاعه ودراسته علم البايولوجي ونيله شهادة الدكتوراه فيه من اميركا ، وليس غريباً ان يكون لهذا العلم علاقة متشابكة مع السلوك الإنساني ، فهو يؤكد دائماً في طروحاته القيمة ان علينا الاستفادة من كل ما توصلت اليه علوم الأحياء من حقائق وقوانين للاستعانة بها في الكشف عن القوانين الخاصة بالوقائع النفسية والاجتماعية لدى الانسان الذي تتفاعل فيه كل ارهاصات الحياة اليومية بأبعادها الخيرة والشريرة ويكون نتاج هذا التفاعل سلوكاً ربما يقوده الى اصلاح الامور او خرابها ! ففي الوقت الذي أسهم الدكتور المنشىء في وأد ظواهر سلبية كثيرة في المجتمع الرياضي وأشهر إصبع المقاومة ضد قرارات خطيرة قادت رياضتنا الى المآزق والمهالك والعقوبات ، فإنه واجه أبشع صور التهميش والإقصاء في قضايا لم يكن اصحابها امناء على مصلحة الرياضة بقدر توجسهم من خسارة مواقع لهم فيها تودي بآمال اطماعهم الى قاع الإفلاس . لهذا ظلت آراء المنشىء جريئة حد السباحة ضد التيار في ظرفنا الراهن ، الذي يفرض على الصحفي الرياضي المهني مواصلة السباحة في أنهار شتى تقوده إما الى ضفة الأمان او يتعرض الى أمواج عالية لا طاقة له للإفلات من عواقبها ، وفي كل الأحوال ان يأخذك الموج الى حافة الجزر وانت تقاوم بشراسة ترفض كل اشكال الابتزاز والفساد والمساومة والعبث المصلحي خير لك من ان يستلقي قلمك في مستنقع تنبعث منه رائحة (ضمير متفسخ) وفي هذه الحالة سيكون القلم أجيراً لدى الجميع ، يرتحل معهم وفق ما تشتهي نفوسهم ونزواتهم ويخضع طائعاً لمغرياتهم . ان مرض المنشىء لم يكن حالة طارئة أيقظته اوجاع مسكّنة ، بل تحصيل حاصل الصدمات المتتالية التي واجهها أثناء عمله الطوعي في مفاصل رياضية عدة منذ عامين تحديداً ، أفرزت له الصالح من الطالح واهدت له حكمة عظيمة بان الرياح العاتية يمكن ان تقلع الأغصان الغضّة لكن هيهات ان تهز جذع الشجرة لأنه راسخ في الأرض وجذورها قوية ، فكم صحفي رياضي بقي قوي المبدأ امام عصف الازمات من دون ان ينحني لها ؟  نحتاج اليوم الى جرأة المنشيء وأمانته ووعيه وصدقه ونصل قلمه لثقب بالونات فارغة ملأها المضاربون بمصلحة الرياضة العراقية ، كيف لا وقد قلده زميله الدكتور باسل عبد المهدي ( ميدالية) الإطراء بطلاء الانصاف : ( المنشىء ابن بار لمدرسة الحقيقة الناصعة وانه صالح ومصلح في توثيق الوقائع) . ما احوجنا الى رعاة الحقيقة لنهزم عتاة التزييف . الحق يقال ، ان اهتمام المسؤولين عن الرياضة بحالة الدكتور ضياء المنشىء كان خجولا ولن يرقى لخدماته طوال مسيرته الإعلامية باستثناء اتصال هاتفي من رئيس اللجنة الاولمبية رعد حمودي لمساعدته في كيفية خروجه من محنته ، فضلا عن موقف الدكتور باسل عبد المهدي رفيق دربه في العمل الأكاديمي الرياضي الذي ما انفك يتفقد ظرفه الصحي وما يحتاجه من دعم معنوي بالدرجة الاساس ، ودون ذلك يشعر وكأن الجميع تخلى عنه وتركه يصارع قدره بنفسه في وقت لم يبخل المنشىء نفسه عن نذر حياته من اجل رياضة عراقية تسمو قولا وفعلا لرسالة الاولمبية في العالم بان هدف عقيدتها هو وضع الرياضة في خدمة التطوير المتناغم للإنسان والمحافظة على كرامته

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram