عامر القيسي بالامس تحدثنا عن ظاهرة شراء الاصوات الواسعة النطاق والسيئة الصيت معا، واليوم عن خروقات استخدام الرموز الدينية في الدعايات الانتخابية. قد لاتبدو الظاهرة في بغداد واضحة المعالم أو مؤثرة بدرجة تثير الرأي العام، الا انها في المحافظات والقرى تشتغل على مدار الساعة ، ويجري استغلال بيوت الله من الجوامع والحسينيات في بعض المناطق
كما لو انها مقرات حزبية ، وحتى الكارتات والبوسترات وزع الكثير منها وهي تحمل صور واسماء اولياء اجلاء لاشأن لهم بالسياسة الحالية لامن قريب ولا من بعيد وسيرهم وحدها لو اقتدى بها الناس لكنا في احسن الاحوال. الظاهرتان معا تحدثنا حولهما مع قادة كتل برلمانية واحزاب وتيارات وحتى اشخاص وقد استنكر الجميع دون استثناء هذه الممارسات التي تشكل خرقا دستوريا وخرقا لتعليمات وقوانين مفوضية الانتخابات وخرقا اخلاقيا ايضا،لان الاستقواء أو الاتكاء على المقدسات للحصول على مغانم دنيوية ومنها المقعد البرلماني على سبيل المثال ، تشكل ليس خرقا اخلاقيا فقط وانما تعبر عن عجز تام في كسب الناخب على اساس البرنامج الاجتماعي والاقتصادي والخدمي، وتعبر عن خواء فكري وسياسي وافتقاد الى تأثيرات التأريخ النضالي الشخصي الذي يقتنع به الناخب ويدفعه لان يصوت يوم الاقتراع للفكرة والبرنامج والتأريخ الشخصي والكفاءة العلمية والمهنية. الغريب في الامر اننا في حيرة من امرنا في تصديق من على من؟ فاذا صدقنا السياسيين الذين ادانوا الظاهرتين وتبرأوا منهما، فان الواقع يقول غير ذلك والادلة لاتعد ولا تحصى، خصوصا ان الخروقات، حسب تقارير المراقبة المحلية، تسجل على الكتل الكبيرة والغنية معا؟ واذا صدقنا الواقع الذي امامنا بالصورة والصوت فاننا نعتز حقيقة بصدقية السياسيين الذين اجابونا على تساؤلاتنا البريئة؟ ويبقى علينا ان التزمنا الحياد الايجابي، الذي سقط بالضربة القاضية في تسعينيات القرن المنصرم، أن نسأل السؤال التالي:من يقوم بهذه الخروقات؟ من الصعوبة الاجابة بالتحديد عن مثل هذا السؤال، لكن الاكيد الذي تزكيه الشواهد والادلة الدامغة، هو ان الخروقات حاصلة وان الذين يمارسونها يقولون علنا نحن من الجهة الفلانية وهي نفس الجهات التي تستنكر مثل هذه الخروقات التي تسيء للعملية السياسية والتضحيات التي قدمها الشعب العراقي من اجل ان يجعلها واقفة على قدميها وحال بينها وبين ان يطيح بها الاعداء في يوم مولدها. ولكي نكون منصفين فعلينا ان لانحمل المرشح الفاقد الاهلية كامل المسؤولية عن الخروقات الانتخابية، التي ننتظر منها الشيء الكثير، وانما يتوجب ان يتحمل الناخب مسؤوليته للحد من اتساع هذه الظواهر، ومن الخطأ الاستهانة بوعي المواطنين، بما في ذلك البسطاء منهم، لانهم اثبتوا في اكثر من موقعة بعد سقوط الدكتاتورية في 2003 ان لهم قدرات حسّية شعبية، عادة ما اطلق عليها الممانعات العراقية، في اخراج الشعرة من العجين ووضع الامور في نصابها الصحيح. ونقولها للتأريخ وبكل صراحة اذا انتخبنا الذي يشتري اصواتنا بالدنانير والبطانيات، واذا انتخبنا الذي يدغدغ مشاعرنا العميقة وحبنا للدين ورموزه من اجل الجلوس على المقعد المليوني في البرلمان فاقرأوا السلام على اربع سنوات قادمة من عمرنا .. والسلام عليكم.
انتخبوا وغيّروا .. المال والدين ومقاعد البرلمان!
نشر في: 27 فبراير, 2010: 11:16 م