اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > جلسة حامية لمجلس النواب تدفع السعدون الى الانتحار

جلسة حامية لمجلس النواب تدفع السعدون الى الانتحار

نشر في: 28 فبراير, 2010: 05:09 م

د. قاسم جبر باحث افتتحَ جلالة الملك فيصل الاول مجلس النواب في 2 تشرين الثاني 1929، وتلا خطاب العرش المعتاد ـ وهو عبارة عن منهاج الوزارة القائمة ـ وقد استعرض فيه الصلات بين انكلترا والعراق، ومما جاء فيه: (ان الموقف الرزين الذي وقفه شعبي تأييداً للجهود التي بذلتها الوزارات المتتابعة لتحقيق ما تنطوي عليه أماني البلاد كان له التأثير المرغوب..
 وللافصاح عن الأسس التي رغبت البلاد في ان تبني عليها صلات التحالف بينها وبين بريطانيا العظمى ويسرني ان الاحظ ان هذه الجهود والخطوات السريعة التي خطاها العراق نحو التقدم حدت بالحكومة البريطانية الى ان تعتبر ان الوقت قد حان لتطمين الرغبات العراقية إذ صرحت عن استعدادها لتأييد ترشيح العراق للدخول في عصبة الأمم في سنة 1932 من دون قيد وشرط). وعند المناقشة على هذا الخطاب في جلسة 13 تشرين الثاني سنة 1929 خطب بعض النواب خطابات حماسية استفزت حمية رئيس الوزراء عبدالمحسن السعدون، فاضطر لأن يجيب عليها بخطاب مطوّل كانت له رنة استحسان واستغراب في آن واحد: رنة استحسان في المحافل الوطنية ورنة استغراب في المحافل الأجنبية. يقول السعدون: سادتي، انتقد الخطباء الكرام منهاج الوزارة وصرحوا بأن الحكومة مبتهجة ومسرورة وممتنة. ايها السادة لا يمكن لوزارة في هذه البلاد ان تكون ممتنة ومسرورة لأنها معرضة دائماً للانتقاد بصورة محقة أو غير محقة منذ تشكل الحكومة العراقية والوزارات المختلفة تسعى للحصول على حقوق البلاد ولكن الظروف لم تساعد البلاد.. فأعتقد ان نوال الاستقلال تابع الى جرأة الأمة، فالأمة التي تريد الاستقلال يجب ان تتهيأ له ولا يكون ذلك بالكلام والأقوال الفارغة فالاستقلال يؤخذ بالقوة والتضحية.. أيها السادة: ان الحكومة ساعية بكل معنى الكلمة لأخذ المسؤولية على عاتقها. وتقول الصحف المصرية والسورية ان دار الاعتماد البريطانية ما كادت تسمع بهذا الخطاب حتى وجهت الى رئيس الوزارة كتاباً يجمع بين التهديد والتقريع، فما كان منه إلا ان ودع حياته الثمينة في مساء اليوم المذكور تاركاً أبلغ وصية عرفها التأريخ في العراق وقد جعلها بشكل كتاب معنون الى ولده علي السعدون. * نص الوصية.. ولدي وعيني ومستندي علي.. أعف ِ عني لما أرتكبته من جناية لأني سئمت هذه الحياة التي لم أجد فيها لذة وذوقاً وشرفاً.. الأمة تنتظر خدمة.. الانكليز لا يوافقون. ليس لي ظهير.. العراقيون طلاب الاستقلال، ضعفاء، عاجزون، وبعيدون كثيراً عن الاستقلال. وهم عاجزون عن تقدير نصائح أرباب الناموس أمثالي. يظنون اني خائن للوطن وعبد للانكليز. ما أعظم هذه المصيبة؟ أنا الفدائي الأكثر اخلاصاً لوطني قد كابدت أنواع الاحتقارات وتحملت المذلات محضاً في سبيل هذه البقعة المباركة التي عاش فيها آبائي وأجدادي مرفهين. ولدي: نصيحتي الأخيرة لك هي: 1ـ ان ترحم أخوتك الصغار الذين سيبقون يتامى وتحترم والدتك وتخلص لوطنك. 2ـ ان تخلص للملك فيصل وذريته اخلاصاً مطلقاً. أعف عني يا ولدي علي. عبدالمحسن السعدون وليس من شك، في ان المرحوم عبدالمحسن السعدون ذهب ضحية للعلاقات بين انكلترا والعراق. فقد كان المظنون ان الرجل يساير الانكليز في سياستهم الاستعمارية فأثبت في المفاوضات الجارية أيام وزارته (الثالثة) لتعديل الاتفاقيتين المالية والعسكرية بأنه أرفع بكثير من ان يضحي بحق من حقوق البلاد المشروعة في سبيل الاحتفاظ بالكرسي وما انتحاره إلا الدرس البليغ لكل من يريد الخدمة للعراق

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram