TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العلمانيــة والإمــامــة.. نصــوص لاتُجوّز الدولـة الـدينيـة

العلمانيــة والإمــامــة.. نصــوص لاتُجوّز الدولـة الـدينيـة

نشر في: 1 مارس, 2010: 05:18 م

رشيد الخيُّون(3 -3)  ما تقدم، في الحلقة الثانية، كان على مستوى الدولة، أما على مستوى الثورات فقد تحدث الشراة أو الحرورية، والذين عرفوا بالخوارج، عن الحاكمية وفقاً لآية قرآنية تقول: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ) (الأنعام، آية: 57). فعندما رفعوا بصفين (36-37هـ) شعار: (لِمَ حكمتَ الرجال، لا حكم إلا لله)( ). أجابهم الإمام علي بن أبي طالب
 بالقول: (كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ! نَعَمْ إِنَّهُ لا حُكْمَ إِلاَّ للهِ، ولكِنَّ هؤُلاَءِ يَقُولُونَ: لاَ إِمْرَةَ، فَإِنَّهُ لاَبُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِير بَرّ أَوْ فَاجِر، يَعْمَلُ فِي إِمْرَتِهِ الْمُؤْمِنُ، وَيَسْتَمْتِعُ فِيهَا الْكَافِرُ، وَيُبَلِّغُ اللهُ فِيهَا الاْجَلَ، وَيُجْمَعُ بِهِ الْفَيءُ، وَيُقَاتَلُ بِهِ الْعَدُوُّ، وَتَأْمَنُ بِهِ السُّبُلُ، وَيُؤْخَذُ بِهِ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ، حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ، وَيُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِر)( ) بمعنى أن تفاصيل الحكم وقنونتها بيد الرِّجال أيضاً، فهو فرق بين الحكم، أي التقاضي وأمور الدين، وبين الإمرة السياسة. فالحكم يمكن أن يكون الشرع الديني، أما الإمرة فهي السياسة وهي بالتالي الدولة.وبعد الخوارج، نزداد حيرة عندما نقرأ الحاكمية الإلهية عند معاصر مثل أبي الأعلى المودودي (ت 1979)، فهو يرفعها إلى الله مباشرة، وينزعها من البشر. لكن الحقيقة كما أخبرَ عنها الإمام علي بن أبي طالب راداً على هتاف الخوارج ضده: (لا حكم إلا لله)، قال: (لابد للناس من أمير برٍّ أو فاجرٍ يعمل في إمرته المؤمن). ويلخص المودودي حاكميته بالقول: (إن الحاكمية، في الإسلام، خاصة لله وحده. ولا حظ للإنسان من الحاكمية إطلاقاً. فليس لفرد أو جماعة قيد ذرة من سلطات الحاكم. ومَنْ يزعم لنفسه حاكمية جزئية أو كلية، فهو لا ريب، سادر في الإفك والزور والبهتان! فالله لم يهب أحداً حق تنفيذ حكمه خلفه! وأساس النظرية السياسة في الإسلام أن تُنتزع جميع سلطات الأمر والتشريع من أيدي البشر، منفردين ومجتمعين، وخلافة الإنسان عن الله لا يمكن أن تكون حاملة للحاكمية!) ( ).وله أيضاً: (لقد خوَّل الله للمسلمين، في الحكومة الإسلامية حاكمية شعبية، في المجال الأوسع، مقيدة بمبادئ الشريعة، وفي خلافة الإنسان عن الله معنى الحاكمية والسلطان. فوضع الإنسان الصحيح، وحيثيته الأصلية، بالنسبة لنظام العالم، أنه حاكم الأرض بالتفويض عن الله)( ). أليس هذا النص هو عين هتاف (لا حكم إلا لله)، وهو تجاوز على نصوص قرآنية أشرنا إليها تؤكد وجود الاختلاف إرادة إلهية، وعدم إلزام الناس بسلطة محددة. وكيف تنتزع إدارة الدولة من البشر؟ ومَنْ سيسوس البلاد، أليس (أمير برٍّ أو فاجرٍ يعمل في أمرته المؤمن)!عموماً، تبقى مسألة الإمامة أو الخلافة، والتي عُرفت حديثاً بالحاكمية، نقطة الخلاف الكبرى بين المذهبين: السُنَّية والشيعية، أو بين المدارس الإسلامية كافة. فهؤلاء يرونها شورى ومبايعة من النَّاس، وأولئك يرونها وصية من الله. ويأتي زيد بن علي(قتل 122 هـ)، برأي يخفف من الشقاق، وهو الذي يربط الإمرة لمَنْ رفع السَّيف من الفاطميين، ننقل قوله من مصدر شيعي زيدي لا من غيره. قال بما يثبت الوصية أنها في الدين لا الدولة، ويوقر الشيخين: أبو بكر وعمر، قال وقد سئل عن إمامة علي:  (كان رسول الله (ص) نبياً مرسلاً، لم يكن أحد من الخَلق بمنزل رسول الله(ص)، ولا كان لعلي ما تذكره الغالية، فلما قُبض رسول الله (ص) كان علي (ع) إماماً للمسلمين، في حلالهم وحرامهم، وفي السُنَّة عن نبي الله، وتأويل كتاب الله، فما جاء به علي من حلال أو حرام أو كتاب أو سُنَّة أو أمر أو نهي فرده الراد عليه، وزعم أنه ليس من الله، ولا من رسوله كان رده عليه كفراً، فلم يزل علي ذلك حتى ظهر السَّيف وأظهر دعوته وأستوجب طاعته). ومما لا يعطي مبرر لدولة دينية، هو ما ظهر من حرص لدى أئمة السٌنَّة والجماعة على بقاء الخليفة الحاكم، مهما كانت أحواله، من الفساد والظلم، وبل أظهروا أحاديث تمنع الثورة ضده، ومثل هذا نقرأ لدَّى قاضي القضاة أبي يوسف (ت 182هـ)، وهو تلميذ إمام المذهب أبي حنيفة (قُتل 150هـ) وصاحبه، ناقلاً عن أبي هريرة (ت 59هـ) قولاً للرسول جاء فيه: (إنما الإمام جُنَّة( ) يُقاتل من ورائه ويُتقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل فإن له بذلك أجراً، وإن أتى بغيره فعليه إثمه)( ). وأكثر من هذا أورد أبو يوسف: (ليس من السُنَّة أن تشهر السلاح على إمامك)( ). وورد عن الإمام أحمد بن حنبل (ت 241 هـ)، في شأن عدم الخروج على الإمام، إنه لما أشار أصحابه عليه برفض خلافة الواثق بالله العباسي (ت 232هـ)، كونه كان يقول بمقالة (خلق القرآن)( ) على خلاف رأي ابن حنبل، أجابهم بالقول: (عليكم بالنَّكرة بقلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين)( ). هذا ما رد به ابن حنبل عندما اجتمع إليه فقهاء بغداد، على حد عبارة الفَّراء نفسه، وقالوا له: (هذا أمر قد تفاقم وفشا- يعنون إظهار خلق القرآن- نشاورك في أنا لسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه)( ). وترى ابن حنبل لم يدع إلى السَّيف ضد الخليفة عبد الله المأمون مع ما يُنقل عنه من رأي فيه: (إذا ذكر المأمون قال: كان لا مأمون)( ). ومن طرفه أورد الشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية (ت 728هـ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram