مؤيد الخالدي / السليمانية انتشرت ظاهرة (( زواج الفتيات في سن مبكرة)) وإرغام الفتيات الصغيرات من العوائل الفقيرة في سن مبكرة على الزواج، وهي ظاهرة لم تكن مألوفة في العراق ومنه كردستان الا بشكل محدود في بعض القرى والقصبات . انتشار هذه الظاهرة دفع مختصين بشؤون الاسرة الى البحث عن الاسباب الحقيقية وراء ها، والنتائج غير المحمودة التي يمكن ان تترتب على مثل هذه الزيجات.
 وقـد أظهرت الدراسات الأخيرة التي نشرت حول هذه الظاهرة ان العوائل الفقيرة غالبا ما ترغم بناتها على الزواج في سن مبكرة بذريعة التخلص من عبئهن الاقتصادي، والحرص على الفتاة بجعلها في ذمة رجل حتى لو كان فارق العمر بينهما كبيراً، لحمايتها. وثمة ذريعة اخرى كشفتها تلك الدراسات وهي هاجس الخوف من تعرض الفتاة الى الاختطاف أو تورطها في علاقة عاطفية مع شاب ما، خاصة بعد انتشار وسائل الاتصال الحديثة بالهواتف المحمولة وشبكة الانترنت والستلايت وغيره من وسائل الاتصال الحديثة والمتطورة . ـ وفي استفتاء اجريناه مع عدد من المواطنين الذين تحدثوا عن هذه الظاهرة حيث قال : ـ المواطن عبد الزهرة الذي عاد توا من سوريا وهو رب اسرة تتكون من سبعة افراد ارغم ابنته البالغة من العمر ( 16سنة ) على الزواج من رجل يكبرها بعشرين عاما ويقيم في احدى الدول الأوروبية، فقال : بصراحة ان وضع هذا الرجل من الناحية المادية جيد جدا وهو مستقر، وان الظروف المعيشية االقاسية التي تعانيها ، إضافة الى خوفنا من المستقبل المجهول دفعني الى اتخاذ هذا القرار. ـ اما الطالبة غســق التي تركت دراستها مؤخرا في السليمانية و بدأت تحزم حقائبها للسفر تستعد للسفر للإلتحاق بزوجها، قالت : أنها وافقت على الزواج نزولاً عند رغبة والدها الذي اتخذ بمفرده قرار تزويجها. وبدت مشاعر الحزن على فاطمة لانها مجبرة على ترك أحضان والدتها، والابتعاد عن اخوتها الصغار، كما انها تشعر بالخوف من عدم قدرتها على تحقيق طموحاتها، خاصة انها كانت تتمنى ان تكمل دراستها، فضلا عن المخاوف التي تراودها لانها تجهل طباع واهتمامات الرجل الذي عليها ان تعيش معه ولاتعرف طباعه او مزاجه وهل يتناسب مع عمرها وتجربتها الضعيفة بالحياة. ـ اما لقاؤنا بعدد كبير من طالبات جامعة السليملنية وطلبتها الذين ابدوا استغرابهم الشديد لتصرفات بعض العوائل العراقية التي تدفعهم الظروف الى التضحية ببناتهم من اجل حفنة من الدولارات !! وقد كانت ردود افعالهن واجاباتهن بان أغلب هذه الزيجات مصيرها الفشل لعدم وجود أنسجام بين الزوجين، إما بسبب الفارق الكبير في العمر، أوطريقة التفكير. واكد ن رفضهن لهذه الطريقة للارتباط بالفتاة التي يودون الزواج منها، وانما يفضلون ان تكون الفتاة متعلمة ولا تصغرهم كثيرا في العمر وان يتعرفوا عليها قبل الزواج لمعرفة اهتماماتها. وتقول الباحثة الاجتماعية الدكتورة ( جيان عبد الله ) استاذة علم الاجتماع في جامعة السليمانية : مع الاسف الشديد وبالر غم من كل التطورات التي شهدها مجتمعنا الجديد واتساع مدارك الافكار لديه الا ان مجتمعنا لايزال يعاني وجود تخلف اجتماعي كبير نلمسه حتى يومنا هذا !! واعتقد ان هناك أسباباً كثيرة ومتعددة وراء انتشار هذه الظاهرة، منها ارتفاع نسبة البطالة، والفقر، والامية، والتزمت الديني، مؤكدة أن هناك مخاطر وآثارا اجتماعية ونفسية تنجم عن ارغام الفتاة على الزواج في سن مبكرة. وشددت جيان على ضرورة ان تقوم المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة، ومنظمات المجتمع المدني بدور فعال للحد من هذه الظاهرة . ـ وتضيف جيان بالقول : ان هذه الظاهرة ليست جديدة على مجتمعنا العشائري والقبلي بل انها تمتد الى جذور بعيدة،ولقد قرأنا الكثير عنها وعشنا قسما منها ولانزال نعيشها اليوم مع الاسف الشديد بالرغم من تنامي الشعور بالمسوؤلية اتجاه حقوق الانسان والذي يعطي المرأة حقوقها الإنسانية والاجتماعية والكل يتحدث عن ذلك ولكن الحقيقة ان معظمهم يتصرف عكس ما يصرح به ،ولابد من ان تأخذ منظمات المجتمع المدني واتحادات النساء والجهات المعنية دورها لمعالجة هذه المسألة الخطيرة مثلما عالجت موضوع العنف الاسري ضد المراة لان هذا الموضوع لا يختلف ولا يبتعد عن العنف الاسري والمتاجرة بالمرأة .