محمد سعيد الصكارذا قلنا (غداً) فنعني به اليوم التالي ليومنا الذي نحن فيه، وإذا قلنا (الغد)، بالتعريف، فنعني به الأيام التالية (المستقبل)، وكذلك الشأن في (أمس والأمس). اليوم نحن على (مقربةٍ - مبعدةٍ) من اليوم الموعود الذي أنهك أعصابنا، وشوّش أحلامنا، وأربك مشاريعنا،
وأجّل تطلعاتنا إلى مستقبل العراق الجديد، وجعل عقارب ساعاتنا تترنح بين اليأس والرجاء، والأمل والإحباط و الإنتظار المرير لما سينفتح لنا منه من معالم مستقبلنا، وكيان عراقنا المأمول. وهي تطلعات رافقنا مفاصلها بصبر وتضحيات، وحسن نيّةٍ وحسن نظر، مهما رافقها من توجّسات وخشية من تغلب جهة على جهة، واستئثار هذا بذاك، متناسين، أحياناً، أنها من العراق وإلى العراق، بحسناتها وسيئاتها، وأن ما نحن فيه يبعث على الإعتزاز بكون هذه التجربة المريرة تمر عبر احترام للرأي المخالف، وحرية التعبير عن هذا الرأي، وهذا من معالم تفرّدها، ونزوعها نحو الديمقراطية التي نريدها، والتي تفتقر إليها كثير من الدول المجاورة والشقيقة؛ ويجدر بنا أن نفخر بها، ونقيم على مقاسها أبعاد ما تحمله التجربة، وما ينتظره مستقبل الوطن. ومهما قيل عن تناحر الكتل السياسية، فهو ليس تناحراً بقصد التدمير، إنما هو حرقة في البلعوم، ولهفة ظلت حبيسة في الصدور، ورغبة في الوصول إلى مراكز القرار أملاً في التغيير ووصولاً إلى الفائدة العامة والخاصة، وهو أمر مشروع ما دام يأتي عن طريق التنافس الشريف، وشفافية البرامج التي ستطرحها هذه التكتلات السياسية، ويكون للشعب رأي صريح فيها، فهو الحكم العدل، في ما سيختاره من موقف إزاء هذه المكونات التي تسعى إلى الوصول إلى مطامحه وتطلعاته، إن صدقاً وإن كذباً؛ فغداً سيتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود؛ وعلينا أن نفتح عيوننا جيّداً لمعرفة من هو الصادق في دعواه، من خلال استقراء تاريخه الوطني وأهلّيته وكفاءاته لتمثيل حاجة الوطن وأبنائه. في إطار ما مرّ على شعبنا من تجارب نادرة القسوة، تبلورت لديه رؤية جديرة بالإحترام الكامل، إذ لم يكن مغمض العينين عما يحيق بوطنه، وما يأخذه إلى التجاذبات السياسية، وله من تاريخه النضالي وتجاربه الموجعة، ما يُسّهل عليه تمييز المواقف وقراءة ما وراء المزاعم والوعود، ويُحسن الإختيار مستثمراً فضاء حرية القول ورصيد الحقائق التي توفرت لديه والتي لم تعد خافية على أحد. غداً سيكون يوماً آخر، قد لا يحمل بشائر بمستوى الأحلام، ولكنه يوم آخر، ونحن من سيشحنه بالأمل، ويمهد له الطريق إلى (الغد).
غداً موعدنا مع الغد
نشر في: 2 مارس, 2010: 04:55 م