عبدالله السكوتي كان احميد الفهد فرحا نشوان، فقد شاهد الجموع التي اصرت على الادلاء بأصواتها الثمينة، وخرجت في عرس انتخابي قلّ نظيره، فقد تجاوزت النسب حدودها في اندفاع كبير وزحام عنيف لاختيار الديمقراطية وتوثيقها ؛ جاء احميد الفهد ليضع صوته في الصندوق،
دخل من الباب الخلفي للمدرسة (المركز الانتخابي)، اعطى هوية الاحوال المدنية غير مبال باصوات الهاونات الشريرة التي حاولت افساد فرحة الشعب بيومه الموعود ؛ كان يراقب القضبان الحديدية يزم اقدامه ليسجل سبقا في هذا المضمار وليصبح اول المنضمين الى الديمقراطية ؛ هذا الرجل الجنوبي لم يعرف سوى الاستبداد والقهر في العهود السابقة، يقف تجاهه رجل يراقبه ، واحميد الفهد لم ينزل عنه عينيه ، صاح الرجل بحميد ، لاتخطئ الاختيار، كان احميد الفهد قد وضع صوته للتو في الصندوق وصبغ اصبعه باللون البنفسجي ؛ انتبه اليه وقال: لاتخطئ انت حساباتك، انا اعرف من اختار، ولست وصيا على احد ، وضع الرجل نظارته فوق عينيه وادار ظهره وغادر المركز الانتخابي بلا اصبع مصبوغ ولاهوية احوال مدنية. خرج احميد الفهد يتمتم بكلمات لم افهمها ، التقيته خارجا ، رحبت به قلت ما الامر ؟ اراك غاضبا..ّ! قال: هنالك من يلوث الناس البسطاء وعندما رآني في زي الفلاحين ظن اني ساذج ، ولذا اراد ان يملي عليّ انتخب من ، ثم اردف (هذا مايدري اللي يريد ايبوك الجبل لازم ايحضر اله جيس ، اووين اكو جيس ايكفي الجبل ، هذوله يردون ايبوكون العراق) . هدأت من روعه قليلا وقلت له: انت رجل حر ومن المؤكد انك تنتخب من تراه مناسبا ، ولاداعي ان تشغل بالك بمثل هؤلاء ، لقد رأيناهم في الانتخابات السابقة ، وكانوا اكثر عددا ، اما الان فقد انحسروا ولا اعتقد انهم يمثلون شيئا، وهم يتصورون ان الديمقراطية شراء ذمم واصوات وغش ، وهم في هذا مثل الارض الواطئة او كما قال المثل (الكاع الوطيه تشرب ميها ومي غيرها) ، فهي تستقبل المياه بانواعها الآسنة وغيرها ، حتى تضج بالقاذورات وبالتالي تفوح رائحتها النتنة ؛ شاكسته قليلا قلت : وانت يا احميد الفهد ماذا فعلت ؟ قال: انا فعلت مايمليه عليّ ضميري ووفائي ( واكلك مثل ماكال الشاعر) يلّي تريد العبر ومن الغرك تبره كل الشرايع زلك من يمّنه العبره قهقه بعدها عاليا وهو يمني نفسه بفوز اصدقائه ، وانا كذلك انشرح صدري بحكاياته المسلية ، وقد نسي الرجل ذا النظارات والذي اراد التأثير على اختياره ، ومن ثم انطلقنا في حديث عن الايام المقبلة واخذ يتكلم عن قيمة الصوت في الانظمة الديمقراطية، وانه ربما يقلب الموازين ، مبديا خشيته من الائتلافات التي ستشهدها المرحلة المقبلة ، ومن الذين بدأوا يشككون او يعلنون انهم الفائزون ؛ تجربة اذهلت العالم خطوات تزاحمت مع الموت وسبقته بامتار بسيطة لشابة عراقية تطمح بالافضل وترى استقرار الاوضاع واعادة الاعمار من اولويات العراقي الذي ابتلى بالكثير ، نساء ورجال وشيوخ قاوموا الخوف وقهروه ، حملوا انفسهم للتفتيش عن اسمائهم بعد رحلة عناء شابها الفقد والثكل والتهجير، ردد احميد الفهد بهستريا الفرح مع نشوة الانتصار (عمي هذا الشعب) .
هواء فـي شبك :(كل الشرايع زلك ، من يمّنه العبره)
نشر في: 8 مارس, 2010: 08:03 م