متابعة اخباريةبدأت سيناريوهات الصراع السياسي تتصاعد في السودان بوتيرة أسرع قبل ما يقارب الشهر عن انطلاق الانتخابات الرئاسية، وفي ظل انطلاق مفاوضات الدوحة امس الأربعاء. وفي هذه الأثناء طالبت حركة العدل والمساواة المسلحة في دارفور بتأجيل الانتخابات السودانية،
وتأتي هذه المطالبة قبل المفاوضات المباشرة بين الحركة والحكومة التي انطلقت امس الاربعاء في الدوحة. الحركة والحكومة السودانية وقعا اتفاقا اطاريا في 23 من شباط الماضي برعاية قطرية في الدوحة، فيما اعتبر خطوة قد تعزز من فرص الرئيس عمر البشير في الفوز بمنصب الرئاسة في الانتخابات. وعلل الطاهر الفكي القيادي في العدل والمساواة المطالبة بتأجيل الانتخابات بأنها لا يمكن أن تقام بينما لا تزال دارفور تحت حكم الطوارىء وبقاء البشير في السلطة، مضيفا «لا تتوافر الشروط المطلوبة لانتخابات حرة وعادلة في السودان». تأتي هذه التصريحات قبل حوالي شهر من بدء الاقتراع في أول انتخابات تعددية يشهدها السودان منذ عام 1986، والتي تشتمل على انتخاب رئيس الجمهورية ونواب البرلمان وولاة الولايات ورئيس حكومة جنوب السودان وبرلمان الجنوب. واستبعد الفكي التوصل لاتفاق نهائي مع الحكومة السودانية بحلول الموعد الذي تم تحديده لذلك في 15 من آذار الجاري، مضيفا «نعتقد أنها ستكون محادثات صعبة جدا». وكانت حركة العدل والمساواة قد اعلنت عقب توقيع الاتفاق الإطاري عن أنها لن تواصل التفاوض مع الوفد الحكومي إذا كانت هناك مفاوضات موازية مع حركات دارفورية أخرى. واتهم الفكي في تصريحات لوكالة رويترز الجيش السوداني بانتهاك وقف إطلاق النار، في إشارة إلى إعلان الجيش الاثنين السيطرة على منطقة جبل مرة الاستراتيجية وسط دارفور والتي تتمركز فيها قوات حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور. وأضاف «يشمل وقف إطلاق النار الذي وقعناه كل دارفور وليس المناطق التي تحت سيطرة العدل والمساواة فقط». يذكر أن الصراع في اقليم دارفور غرب السودان اندلع في صيف عام 2003، عندما حمل متمردون السلاح مطالبين بمشاركة أكبر في السلطة والثروة. وتقدر الامم المتحدة ضحايا الحرب في دارفور بحوالي 300 ألف قتيل والنازحين بحوالي 2.7 مليون، بينما تقول الخرطوم إن عدد القتلى لا يتجاوز 10 آلاف في الصراع المستمر منذ أكثر من ست سنوات.ويرى محللون سياسيون ان السباق الانتخابي المحموم سيأتي بمفاجأة سياسية يصعب التكهن بها، بعد مضي أكثر من عقدين من الزمان على وأد الديمقراطية الثالثة في السودان (1985-1989م)، وقيام حكومة عسكرية معضدة بتأييد الجبهة الإسلامية القومية. ويقول الكاتب السوداني أحمد إبراهيم أبو شوك في مقال نشره موقع «المعرفة» إن الحراك السياسي في المرحلة القادمة سيتمركز حول الانتخابات الرئاسية، لأنها تمثل المحصلة الوسطى التي ترتكز عليها الانتخابات القومية والولائية، فالمؤتمر الوطني يسعى جاهداً لخلق مناخ سياسي يسهم في فوز مرشحه الرئيس البشير.إلا أن الخيارات المتاحة لقيام تحالفات سياسية لتحقيق هذا الغرض الإستراتيجي أضحت ضامرة، بعد أن رشَّحت الحركة الشعبية الأستاذ ياسر عرمان، معلنة بذلك فضّ تحالفها مع المؤتمر الوطني، بعد أن أصابها القنوط بشأن تنفيذ اتفاقية السلام الشامل على صعيد الواقع، ومن ثم مالت إلى تطلعات حلفائها الذين يحبذون تحجيم نفوذ المؤتمر الوطني في المرحلة القادمة، وإبعاد الرئيس البشير عن سدة الحكم. لكن حزب المؤتمر الوطني يواجه على صعيد التحالفات السياسية اشكالية اتفاق التراضي الوطني الذي عقده مع حزب الأمة ولم يأت بثماره، بعد أن أعلن الاخير رسمياً ترشيح رئيسه السيد الصادق المهدي. وبات من الطبيعي الحديث عن هشاشة الاتفاقات بين فرقاء السودان، وما طلب حركة العدل والمساواة، واحداث جبل المرة امس الاول الا تاكيدا لهذه القناعة، وتطرح، في هذه اللحظة السودانية الحرجة، العديد من الاستفهامات: هل تفتح انتخابات الرئاسة بابا امام التحول الديمقراطي، ام انها ستفاقم من ازمة الحكم والنزاع على النفوذ؟.
سيناريوهات الصراع السوداني تسبق مفاوضات الفرقاء في الدوحة
نشر في: 10 مارس, 2010: 06:05 م