وديع غزوانفي التاريخ حقائق لايمكن التغافل عنها وشطبها لمجرد ارضاء نزعة فردية او حتى مجاراة آهواء مجاميع تعودت العيش على حساب الآخرين , نزعة تتعامى عن الواقع وتتعمد القفز عليه فقط لتحقيق مصالحها الضيقة حتى وان كانت تتقاطع مع المصلحة العامة .
ومن هذه الحقائق في العراق والتي تلازمت مع تاريخه منذ القدم ,انه وطن بمكونات متعددة .. ففيه العربي والكردي والكلدواشوري وغيرهم من المكونات التي تشابكت مع بعضها لتكون النسيج الموحد للمجتمع العراقي .. حقائق ثابتة لم تتغير ولم تفلح كل محاولات تجاهلها اوطمسها , بل ان مثل هذه السياسات , ذات النظرة الأحادية والقصيرة,عطلت الارادة الصادقة لبناء عراق قوي قادر على تحقيق انتقالة نوعية لشعبه بالاستفادة من خيراته التي وظفت اموالها لتعميق النزعات الشوفينية المقيتة ومحاولات تهميش المكونات الاخرى بحجج لم تصمد امام ارادة كل العراقيين بمختلف مكوناتهم الذين عبروا عن رفضهم مثل هذه السلوكيات المريضة بوسائلهم البسيطة , وتمسكوا باعلى معاني مفاهيم الوحدة الوطنية وانصع صورها عندما فتحت كردستان ابوابها امام العراقيين ولم تبخل عليهم بالدعم والمساندة رغم الظروف الصعبة التي كانت تمر بها الحركة التحررية الكردية آنذاك خاصة في فترة الثمانينات مثلما فتح اهالي الفرات الاوسط والجنوب بيوتهم للكرد. بعد نيسان 2003 تامل الكثير من ابناء شعبنا ان يصارالى تغيير في عقلية وسلوك بعض اطراف العملية السياسية التي ساهمت بهذا الشكل او ذاك في كتابة الدستور واقراره الذي رسم في اكثر من مادة حقوق وواجبات المواطنين واعترف بطبيعة المجتمع العراقي التعددية , غير ان ما افرزه الواقع من تكالب اطراف سياسية على السلطة وجعلها غاية وليست وسيلة لتحقيق اهدف الشعب ,اثار صدمة الغالبية من المواطنين غير الملوثين ( بجرثومة )سوق المساومات والمزايدات السياسية التي اتخذت من همومهم وآلامهم وتضحياتهم جسراً للوجاهة السياسية للعديد من غير مستحقيها وللفساد ونهب ثروات البلاد , غير مكترثين بدعوات الحد من المزايدات , والالتفات الى مصالح الشعب بكل مكوناته .. لذلك فان المواطنين نشدوا, التغيير الحقيقي وهم يتوجهون الى صناديق الاقتراع , التغيير الذي يحقق ترسيخ الديمقراطية ومشاركة العراقيين في بناء مستقبلهم على اساس المفاضلة للاحسن وعلى وفق مبدأ المواطنة وليس سواه . ويبدو ان بعض اطراف العملية السياسية توهموا بان اطلاقهم تصريحات نارية بشأن المناصب السيادية قد يوفر لهم اصطفافاً جزئياً يمكنهم من تحقيق هدفهم بالوصول الى هذه المناصب , ما يؤكد جهلهم بأصول اللعبة السياسية وكان الاحرى بهم ان يعملوا لتنفيذ برامجهم المعلنة على كسب رضا كل الشعب بدلاً من دغدغة عواطف جزء منهم سرعان ما يكشف كذبهم وزيف ادعاءاتهم , كما كان يستحسن بهم ممارسة حقهم المكفول دستورياً , لمناقشة مثل هكذا قضايا وضمن القنوات الرسمية بدلاً من اتخاذ الاعلام وسيلة لاثارتها في هذا الوقت الذي يعيش فيه كل الشعب فرحة نجاح الانتخابات . لانقول سوى ان الذين يروجون لمثل هذه الافكار كشفوا مبكراً عن ملامح جوهر وجوههم مع انها كانت معروفةً عند الكثير رغم كل مساحيق التجميل لإخفاء حقيقتها المريضة !
كردستانيات :حقــائـق وأوهـــام
نشر في: 12 مارس, 2010: 06:24 م