يحيى البكريتمضي الأيام وتتساقط أوراق الزمن وتبقي الذكريات حافلة بالأمجاد والتفرد والعبقرية شخوصاً أعطت وأضافت قدمت وأثرت أرست وشيدت انهم رموز الفكر والفن والابداع سيبقى عبقري الألحان سيد درويش “17 مارس 1892 م 15 سبتمبر 1923 م” بأعماله الفنية الرائعة معمارا خالدا خلود الأهرام والنيل في ذكرى فنان الشعب قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي تقول:
سيد الفن استرح في عالم آخر العهد بنعماه البلاء ربما ضقت فلم تنعم به وسري الوحي فنساك الشقاء أما الفنان كامل الخلعي فيري انه علم المواكب وكوكب الكواكب ونبراس المهتدين ومشكاة المتعلمين ودوحة المسارح وقبلة كل صادح. ويضيف قائلاً عن سيد درويش: كان رحمه الله عصاميا ونابغاً عبقريا فصيح اللسان قوي الحجة والجنان إن قال صال وإن أجاب أصاب وإن نادم أعجب وان غنى أطرب كان الكتاب عالما جديدا حيث ألحقه والده فكانت اللبنة الأولى مثل باقي رموز الفن والابداع في مصر توفى الوالد ولم يبلغ السيد درويش عامه السابع انتقل الى إحدى مدارس كوم الدكة بالإسكندرية فكان لقاؤه الأول مع الموسيقي على يد أستاذه نجيب أفندي فهمي الذي كان يلقن تلاميذه الأغاني والأناشيد فكانت النواة الأولى لتلك الموهبة الفريدة حفظ العديد من القصائد والتواشيح الدينية عن السيرة النبوية الشريفة رددها بعد سماعها من المشايخ حسن الأزهري وأحمد ندا كافح من أجل لقمة العيش مارس العديد من المهن تارة في مجال العطارة أو النقش والبياض أو في محل لبيع الأثاث وفي الليل كان يقوم بتلاوة القرآن وترديد التواشيح الدينية تجول سيد درويش في المقاهي الشعبية بالإسكندرية مع فرقته الغنائية الصغيرة وكان هو مؤلف أغانيها وملحنها ومطربها أيضا سافر الى الشام عام 1909 م وهو في السابعة عشرة من عمره مع فرقة سليم عطا الله لكن الرحلة لم تؤت ثمارها كان الفشل حليفه لكن أمه بكل حنانها أمدته بالمال اللازم لعودته ولم يحبط سيد درويش هكذا الأفذاذ وصناع التاريخ الذين غيروا وجه الحياة في بلادهم استمر في كفاحه واصراره من أجل تحقيق الهدف ألحقه جورج أبيض في فرقته مطرباً بعد سماعه في العديد من مقاهي الإسكندرية سافر مع الفرقة الى الشام عام 1912 م نجحت الرحلة والمحاولة تعلم فيها سيد درويش العديد من الابداعات الموسيقية عزفاً على العود وأنغاما وأساليب جديدة وكان عثمان الموصلي هو أحد ينابيع هذا الفتح الجديد حيث درس معه أشكال الغناء العربي التقليدي خصوصا الموشحات الذي ظهر في الأندلس ومن ألحان سيد درويش التي أخذت شكل الموشحة: منيتي عز اصطباري و يا شادي الألحان والعذاري المائسات ويا بهجة الروح وهاتي يا ساقي ويا غصين البان وكلما رمت وصحت وجدا بعد نجاحه في الإسكندرية انتقل الى القاهرة عام 1916 م حيث عمل في تياترو عباس مع جورج أبيض وسلامة حجازي الذي تحمس له وشجعه فقدمه الى الجمهور قائلا: “احفظوا اسم هذا الشاب واذكروا انني فخور به معتزاً ولتعلمن نبأه بعد حين”. قام سيد درويش عام 1917 م بتلحين أوبريت فيروز شاه لفرقة جورج أبيض لكن فشلها مع أول عروضها جعلته يعود أدراجه من حيث أتى الى الإسكندرية يجتر مرارة الفشل والاحباط لكن فناناً عظيما في حجم نجيب الريحاني وبحسه الفني الرفيع شعر بتلك الموهبة والإضافة في ألحان سيد درويش فعهد إليه بتلحين أعمال فرقته وكانت الانطلاقة التي ملأت الأسماع في كل أنحاء المحروسة في زمن لم يعرف الجمهور الراديو والبث الإذاعي بعد وكان يتقاضي مرتباً شهريا قدره مائة جنيه. تمثلت عبقرية سيد درويش وعطاؤه وتجديده في تقديم جميع أنواع القوالب الموسيقية من الموال والموشح والدور والطقطوقة والأناشيد الوطنية والمونولوج والديالوج شارك في تأليفها محمد يونس القاضي و بديع خيري وأمين صدقي و بيرم التونسي وعمر عارف و سيد درويش الى جانب كلمات من التراث القديم من الأدوار الخالدة التي تشكل قمة الابداع الفني: أنا هويت وانتهيت وأنا عشقت وفي شرع مين والحبيب للهجر مايل ويا فؤادي ليه بتعشق وياللي قوامك يعجبني وعواطفك دي أشهر من النار. وقام سيد درويش بتلحين العديد من الطقاطيق منها زوروني كل سنة مرة ولحنها بعد خصام مع محبوبته وملهمته الى جانب طقطوقة مظلومة وياك يا ابن عمي وايه العبارة وحلوة البنية ويا بلح زغلول. وقد ألف سيد درويش العديد من كلمات الأدوار والطقاطيق معبراً عن أحاسيسه ومشاعره بموسيقي عبقرية مسبوقة لقد قدم عبقرية الغناء سيد درويش ألحانا خالدة في روايات العديد من الفرق منها فرقة نجيب الريحاني في روايات ولو وأش ورن وقولوا له وفشر والعشرة الطيبة ولفرقة منيرة المهدية كلها يومين وكليوباترا ولفرقة على الكسار الهلال ولسه ومرحب وأم أربعة وأربعين وراحت عليك والبربري في الجيش والانتخابات ولفرقة عكاشة هدي والدرة اليتيمة وعبدالرحمن الناصر ولقد كون سيد درويش فرقة خاصة قدمت روائع موسيقية منها أوبريت شهرزاد والباروكة لقد عشق سيد درويش وطنه مصر حتى النخاع قدم فنه الصادق الخالد قرباناً لهذا العشق المجنون العاقل رددنا معه بلادي. بلادي لك حبي وفؤادي وقوم يا مصري مصر دايماً بتناديك وأنا المصري كريم العنصرين ولا يمكن أن نغفل حسه الوطني وعشقه للأرض والانتماء ففي أغنية القلل القناوي تشجيع على تفضيل البضائع الوطنية وحين يرسخ لقيم الانتماء و
سيد درويش:ولقب فنان الشعب
نشر في: 12 مارس, 2010: 06:47 م