TOP

جريدة المدى > تقارير المدى > تحليل سياسي: الكثير من الكلام وبالونات الاختبار

تحليل سياسي: الكثير من الكلام وبالونات الاختبار

نشر في: 12 مارس, 2010: 07:03 م

عامر القيسي وضعت انتخابات السابع من آذار أوزارها عندما قال الشعب العراقي فيها كلمته وأدى دوره كما كان يفعلها دائما في اللحظات الحاسمة من حياته. وبينما كان الناس يضعون اختياراتهم في صناديق الاقتراع كانت الكتل السياسية المشاركة في الانتخابات تؤسس وتخطط على اساس التوقعات لنوع الخريطة السياسية القادمة لما بعد الانتخابات قبل انتظار النتائج النهائية
 لما ستسفر عنه هذه النتائج من أولويات واستحقاقات . وتسابق بعض اعضاء الكتل  في اطلاق التصريحات النارية ضد "نتائج" الانتخابات التي لم تظهر ارقامها النهائية حتى الآن اولا والحديث عن تحالفات سياسية قادمة ثانيا. وحسب التصريحات التي تناقلتها وسائل الاعلام من المتحدثين بأسماء الكتل السياسية ، فان الجميع لا يضعون خطا احمر امام اية كتلة من اجل التحالف ، وبدا الأمر كما يعتقد الكثير من المحللين ، مجرد بالونات اختبار سياسية لجس النبض ودراسة ردود الافعال المحتملة لما يقال في وسائل الاعلام او خلف الكواليس. بعض هذه البالونات كانت مفتقرة لابسط اشكال الاحتراف السياسي ومهاراته ، كتلك التي اطلقها طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية بشأن مركز رئيس الجمهورية، والبعض الآخر بدت كما لو انها لمعرفة استعداد الكتل الاخرى لقبول متغيرات قوية على شكل الخريطة السياسية الحالية.في كل الاحوال فان الجميع الآن بانتظار النتائج النهائية لانتخابات السابع من آذار ليتحول منهجهم من البالونات الاختبارية الى الاجتماعات العلنية والسرّية للحديث مباشرة عن واقع النتائج وافرازاتها واستحقاقاتها . المالكي الذي يتوقع ان تحصد قائمته مقاعد تساعده على الدخول قويا لاي اجتماع مع اية قائمة يجد نفسه امام حلفاء الامس ومنافسي اليوم وهم ليسوا اقل قوة منه. والذين سعوا لاسقاط حكومته اكثر من مرّة باتوا مقتنعين ان عليهم سلوك الطرق الاخرى والبحث عن شكل للتحالف يكونون فيه مصدر قوة وخلخلة لاي تحالف قادم ، فيما لو سارت الامور كما يشتهون ، وخلخلة فيما لو تعرض مركبهم لموجة تهزه من هذه الجهة أو تلك ، أو ان موقعهم في اي تحالف يؤثر مباشرة على اتخاذ القرار داخل التحالف المتوقع.لا احد حتى الآن يبدي رغبة لغلق الابواب أو الحديث عن خيارات نهائية ، كما هو الحال مع القائمة العراقية التي بدت اشارات التصدع من داخلها ، وان لم تكن قوية بما يكفي للحكم المسبق على مجريات الامور القادمة ، لكنها في كل الاحوال تحلحلت اثر تصريحات السامرائي والهاشمي والنفي الذي تلاهما ثم التمسك بالتصريح "قضية رئاسة الجمهورية" والتصريحات التي انطلقت من اكثر من قطب في العراقية تنصلا من تصريحات السامرائي والهاشمي. وذهبت بعض الاشارات ابعد من ذلك ، عندما اوحت بامكانية الانسحاب من القائمة بسبب هذه التناقضات. ومن جهة التيار الصدري فان التصريحات المنطلقة من اقطابه تشير الى رغبة قوية في الدخول بقوة الى مساحة اتخاذ القرار ، وهو اتجاه جديد على العكس من اتجاه المرحلة السابقة الذي اتسم في بعض الاحيان بالتردد والانسحاب من الحكومة بل والمعارضة النشطة للكثير من المشاريع الحكومية التي كانت تقدم لمجلس النواب وخصوصا السياسية منها مثل الاتفاقية الامنية العراقية الاميركية التي عارضها التيار الصدري بقوة الا انه لم يستطع ايقاف عملية التصويت عليها وتمريرها وجعلها امرا واقعا .اجتماعات عديدة جرت لكتل سياسية كبيرة ثنائية وثلاثية ولكنها لم تصل- على حد علمنا - الى الاجتماعات الرباعية ، لان بعض المواقف فيما بين الكتل تبدو الى حد ما واضحة أو ان مؤشراتها تدل على ان التحالف معها يبدو صعبا في ظل موازين القوى الحالية التي لم تمنح اية كتلة موقفا مستريحا على مستوى الحراك السياسي الفردي أو في ظل اجواء التحالفات التي يجري الحديث عنها بقوة من دون ان تكون واقعية فالجميع بانتظار الاعلان النهائي للمفوضية حتى نهاية الشهر الحالي عندها ستتوضح الكثير من المواقف التي ستنأى عن اشتراطات العمل التكتيكي لتدخل الى (فورمة) الوجوه المكشوفة للحديث عن تحالفات خارج التصريحات الفضائية وبالونات الاختبار.وحتى ذلك الحين - اعلان النتائج النهائية - سيسمع المواطن الكثير من الكلام وسيرى الكثير من استعراض العضلات، بل والكثير ايضا من خيبات الأمل عند هذا الطرف أو ذاك، لكن الحقيقة الاكيدة هي ان الكلام السليم والصحيح هو الارقام  ستنطلق بعد انتهاء المؤتر الصحفي الذي ستعلن فيه المفوضية المستقلة للانتخابات التسلسل النهائي للكتل التي شاركت في ماراثون الانتخابات التي وصفت حتى الآن بالأقسى والأشجع في الشرق الاوسط منذ نصف قرن!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

متابعة/المدىرأت منظمة "كير" الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، إن التغير المناخي في العراق أصبح عائقاً أمام عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.وبحسب دراسة أجرتها منظمة كير الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، فبعد ان كانت المعارك والاوضاع الأمنية في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram