TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > شـعـوبٌ قبــلَ الحُكَّام، ترفضُ الاستجـابـة لنـداء المستقـبل!

شـعـوبٌ قبــلَ الحُكَّام، ترفضُ الاستجـابـة لنـداء المستقـبل!

نشر في: 13 مارس, 2010: 04:25 م

شاكر النابلسيمن الجدير بالملاحظـة والاهتمام، أن المفكرين العرب المعاصرين عندما كانوا يتكلمون وينظِّرون عن مشكلات العالم العربي ومنها الوحدة العربية – مثلاً - لم يفرقوا بين مجتمعين عربيين رئيسيين هما: المجتمع الحضري (بما فيه المجتمع الزراعي) والمجتمع البدوي الصحراوي الرعوي. فلكل من هذين المجتمعين خصائص اجتماعية وسياسية مختلفة، تبرُز أشد ما تبرُز في مسألة الوحدة العربية.
بين المجتمع الحضري والبدويفمعظم العوائق التي يعتقد المفكرون العرب بأنها عوائق أمام الوحدة، قد تنطبق على المجتمع الحضري، ولا تنطبق على المجتمع البدوي الرعوي. فالصحراء كانت عائقاً في وجه الوحدة العربية بين الحضريين العرب في حين أنها كانت عاملاً مساعداً في الوحدة بين البدو العرب (وحدة السعوديـة، واتحاد الإمارات) وأنصاف البدو كذلك (توحيد شطري اليمن). في حين أن الصحراء ذاتها لم تكن عاملاً مساعداً على الوحدة بين مجتمعين حضريين كمصر والسودان مثلاً.rnبين الأغنياء والفقراءوالغنى والفقر، كانا عاملين لوحدة المجتمع البدوي (مثال اتحاد الإمارات) بينما لم يكن هذا العامل سبباً لوحدة تونس وليبيا، كمجتمعين حضريين، وبينهما صحراء أيضاً.والعامل الاقتصادي المتمثل في حمايـة طرق التجارة والحج، كان دافعاً لوحدة مجتمع حضري مع مجتمع بدوي في الجزيرة العربية (وحدة الحجاز الحضرية مع نجد البدويـة في المثال السعودي) بينما لم يكن الدافع الاقتصادي كافياً لوحدة مجتمعين تجاريين حضريين كسوريا ولبنان مثلاً.وتمت وحدة الضفتين بين الأردن وفلسطين في العـام 1948-1950 ، دون أية مشاكل تُذكر، لأن جانباً منهما كان بدوياً (الأردن) وكان الآخر حضرياً (فلسطين) كما هو في المثال السعودي الناجح.وكما كانت الوحدة العربية ممكنة بين الغني والفقير في المجتمـع البدوي فإن الغنى والفقر في المجتمع المديني كان عاملاً سلبياً للوحدة. فقد طالب سكان حلب الأغنياء – مثالاً لا حصراً - في العهد العثماني باستقـلال مدينتهم عن دمشق الفقيرة آنذاك. حيث كانت حلب المدينة الحضرية عاصمـة الحرير في الشرق وطريق التوابل على مدار العام. وكان أهم  القناصل الأجنبيـة في بلاد الشام يقيمون في حلب، بينما كانت دمشق تنتظر الرزق من مواسم الحج في كل عام. ولم ترقَ دمشق إلى مستوى حلب التجـاري والمالي. ومن هنا طـالب الأغنياء بأن تكون حلب ناحية مستقلة قائمة بذاتها. وقد التفت إلى هذا العائـق – عائق الفقر والغنى – للوحدة العربية المفكرون السياسيون في النصف الأول من القرن العشرين، ومنهم المفكر اللبناني إدمون ربّاط الذي كتب في العام 1925 عن مثل هذا العائق.rnدور البترول بين السلب والإيجابوفي العصر الحديث وبعد الطفرة البترولية في العام 1975، لم يكن باستطاعة أحد من الدول الفقيرة الكبيرة أو الصغيرة أن يحقق أي شكـل من أشكال الوحدة أو الاتحاد مع أية دولة من الدول المنتجة للبترول في العالم العربي.ثم برز هذا العائق واضحاً في الثمانينات من القرن الماضي، من خلال أول استطلاع للرأي العام العربي في مسألة الوحدة عام 1980. فقد رحَّب الفقراء العرب بالوحدة مع الأغنياء العرب، في حين رفض الأغنياء العرب الوحدة مع الفقراء العرب رغم عوامل الدين، واللغـة، والتاريخ، والتراث، والجغرافيا المشتركة. وكان أكل أكياس الملح أهـون من وحدة الفقراء مع الأغنياء، كما قال خروشوف في مصر، في العام 1964. ذلك أن الأغنياء اعتبروا الوحـدة مع الفقراء ضد إرادتهم، وبمثابة تحدٍ وتهديد لهم، وتدمير لوجودهم، خاصة عندما بدأ المفكرون اليساريون العرب الفقراء، ينادون بسحق الأغنيـاء العرب، ويقولون: إن إقامة دولة عربية ثورية كبيرة قوية من الفقراء في هذا الموقع الاستراتيجي (مصر، وسوريا، والأردن، والسودان)، تستطيع مباشرة أو غير مباشرة أن تسحق سحقاً الأقطار النفطية، وتضمها إلى الدولة الجديدة.  وهذا الشعار الذي طُرح في العام 1979 يذكرنا بتهديد منظمة التحرير الفلسطينية على لسان أحمد الشقيري في الستينات، من وجوب "إلقاء إسرائيل في البحر" وسحقها، وما جرَّ هذا الشعار من كوارث على القضية الفلسطينية، وكان حجة لإسرائيل في أن تفعل خلال نصف قرن مضى ما فعلت. وها هو الشعار يتكرر من جديد تجاه الدول العربية الغنية. فكيف لا نريدها أن تعاند وتقاوم بكل السبل مشاريع الوحدة العربية التي سيكون فيها مقتلها، كما طالب نديم البيطار في كتابه ( "من التجزئة إلى الوحدة" ، ص 370).rnشعوبٌ قبل حكامها ترفضُ الوحدة!ولنتذكر الآن ما قالته الشعوب العربية في استطلاع الرأي الذي أجراه عام 1980 سعد الدين إبراهيم. فقد قالت نسبة 47.8 % من الأردنيين المبحوثين في الاستطلاع المذكور، أن السعودية لا ترغب في الوحدة، وأيَّد هذا القول نسبة 45.5 %من اليمنيين، ونسبة 19 % من اللبنانيين، ونسبة 15.4 % من الفلسطينيين. وهذه الفئات الأربع هي التي عملت في السعوديـة، وخبرتها عن قرب، وسمعت رأي الشعب السعودي في الوحدة وجهاً لوجه. وقالت نسبة 23 % من الفلسطينيين المبحوثين، أن الشعب الكويتي لا يريد الوحدة. وهذا ما أكده الزعيم السوفيتي نيكيتا خروشوف في العام 1964 عندما خطب في مصر، في موقع السد العالي قائلاً : "إن أكل أكياس الملح أسهل من الوصول إلى الاتفاق معهم (البلدان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram