عبد الزهرة المنشداويحيدر بن فؤاد العتابي وحلو بن زاير زغير الفريجي وكريدي بن حاتم الموزاني وغيرهم كل هؤلاء من معارف أبي يقفون صبيحة كل يوم في باب دارنا في مدينة الصدر(مدينة الثورة) منتظرين أبي لمواصلة رحلتهم اليومية في البحث عن البيت الذي يمكن ان يجدوا فيه فنجاناً من القهوة العربية (المرة )فهم تعودوا على شربها صباحا كل يوم، هي وسيكارة اللف يعتبرونها من مقومات حياتهم البسيطة والخالية من اية معنى يمكن ان يشدهم لمواصلة العيش ،
فهم ما بين شرطي متقاعد وحارس ليلي وهن بصره فسرح من العمل واخر يمتهن بيع الحلوى امام باب المدرسة.بسطاء وطيبون وفقراء بما تعنيه الكلمة.ضغط الحياة، ومتطلبات العيش جعلهما يهرمون ويشيخون قبل اوانهم. عند نشوب الحرب العراقية الإيرانية في مطلع ثمانينيات القرن الماضي زادت أحزانهم أحزانا بعد ان سيق أبناؤهم ،وأحفادهم لمحرقة الحروب العبثية التي افتعلها النظام البائد. ولم يكن لهم من أمنية غير رؤية انهيار النظام وذلك ما جعلهم يسالون الله في ادعيتهم عقب كل صلاة ان يمد في أعمارهم ليشهدوا مآل الظلم الذي علمتهم تجربتهم الطويلة بأنه لابد وان يأتي اليوم الذي ينتصر فيه للمظلوم من الظالم. طوتهم يد المنية قبل ان يتحقق ما كانوا يصبون إليه وما توا بحسرتهم كمدا .كان في ضعفهم قوة وفي فقرهم غنى وفي آمالهم مشروعية إنسانية تتطلع الى الطمأنينة والسلام والعيش الكريم ولكن الحظ لم يحالفهم في ذلك شاخوا وهرموا وماتوا . عندما أطيح بالنظام عادوا الى ذكرياتي بلحاهم البيض المشذبة وتخيلتهم يضحكون في قبورهم لسقوط الطاغية والطغاة الذين جعلوا من حياتهم وحياة أبنائهم حمى متواصلة احترقوا بنارها حد التفحم. على البال أصدقاء أبي الموتى يأتون لزيارتي في اليقظة والمنام لكن في هذه الأوقات لم أرهم وهم يضحكون بل يخيل لي بأنهم عادوا الى حزنهم القديم المتوارث. البطالة واستشراء الفساد وطروحات البعض من أولي الأمر التي تحاول الرجوع بالبلد القهقرى كل ذلك يجعلهم يتململون في قبورهم. لكنني اعتقد بأنهم آخر الأمر سيضحكون اذ يبصرون العراق وهو يتقدم خطوات واسعة نحو الأمام، نحو المواطنة الحقة و نحو توفير العمل وبناء بيت العراق الكبير ليستظل به الجميع دون ان يكون حكرا على هذا المسؤول الكبير او ذاك النائب من يتطلع الى ما لا يمت بصلة لأجيالهم.
شبابيك :ضحكات الموتى!!
نشر في: 13 مارس, 2010: 04:34 م