حازم مبيضينندرك مسبقاً أن من حق كل عراقي يجد أو يعتقد في نفسه القدرة والكفاءة، أن يتقدم مترشحاً إلى أي موقع سياسي، سيادياً كان أو غير سيادي، وندرك أن موقع رئيس الجمهورية بعد الانتخابات التشريعية الثانية في عراق ما بعد صدام حسين يغري الكثيرين بالتقدم لإشغاله، والسعي بالوسائل الشرعية والأخلاقية للفوز به،
لكننا ندرك أيضاً أن لاأحد يملك الحق في اختراع مواصفات للرئيس العتيد يتوهم انطباقها عليه وحده من دون سائر العراقيين، أو يشترط الانتماء لقومية معينة أو دين ما، أو مذهب بعينه، للفوز بذلك الموقع وهو بذلك يسقط صفة العراقية عن الكثير من العراقيين، مخالفاً دستور بلاده الذي نفترض أنه سيكون حارسه الأول لو تمكن من تسنم المنصب الرئاسي. يمكن لأي عراقي أن يحدد الصفات المطلوب توافرها في الرئيس القادم، شريطة أن لايسقط حق أي عراقي في التقدم لإشغال الموقع، وعلى أن لايعتبر الإنتماء لقومية بعينها شرطاً لذلك، فهذا موقف شوفيني نؤكد أن الرئيس القادم يجب أن يترفع عنه، لاننا نفترض أنه سيكون رئيساً لكل العراقيين، وليس زعيم عشيرة أو حزب أو مذهب أو دين، وليس قائداً قبلياً، ولا مقدماً في ميليشيا مذهبية أو قومية، لأن ذلك بكل بساطة يشكل وصفة للعودة بالعراق إلى ما قبل تحرره من الحزب القائد والزعيم الضرورة والطائفة صاحبة الحظوة، وهذه كلها من الاسباب التي دفعت العراقيين للتغيير والانتقال إلى واقعهم الراهن. لسنا هنا في معرض الدفاع عن شخص الرئيس جلال الطالباني المحترم، فقد تكفل بذلك عراقيون من مختلف القوميات والطوائف، وقد أشاروا لدوره في الحفاظ على الدستور وإلى دوره في حفظ أمن واستقرار ووحدة البلاد، وشددوا على أنه أدى دوره على أحسن وجه، ولاقى الاحترام على المستويين الدولي والإقليمي، واستذكروا تجربته وكفاءته وخبرته ونزاهته، مؤكدين ثقتهم بوطنيته ودوره كعامل توحيد بين العراقيين بغض النظرعن قومياتهم ومذاهبهم، واعتبروا أن مام جلال أعطى للرئاسة رونقها وكان حامياً لوحدة العراقيين في أحلك الظروف، إضافة لتأكيدهم أنه لم يكن مصدراً لزعزعة علاقات العراق العربية بسبب كونه كردياً، بل على العكس كانت سياسته واضحة باتجاه التقرب من محيطه العربي، ومحاولة حل المشاكل العالقة مع ذلك المحيط على أساس الحوار البناء والدعوة إلى الهدوء وعدم التصعيد في المواقف، وأجمعوا أنه صمام أمان العراق والعراقيين. لايأتي نائب الرئيس طارق الهاشمي بجديد وهو يعلن احترامه لترشح الرئيس طالباني لرئاسة ثانية، فهذا موقف يفرضه عليه الدستور، ونجاح طالباني مرة ثانية تفرضه موازين القوى السياسية بعد ظهور النتائج النهائية للانتخابات، ويبدو متأخراً تأكيده على تميز علاقته بطالباني وتقديره واحترامه له باعتبار ذلك أمراً محسوماً لا يقبل الشك، وإلا فما معنى دعوته للرجل بالتقاعد وكأن الانسان قادر على التقاعد من مواطنته، أما إعلان احترامه لرغبة التحالف الكردستاني بترشيح الرئيس طالباني لرئاسة ثانية، فانه لايبدو نابعاً من مواقف الرجل الفعلية بقدر ما هو نابع من ردود الفعل التي جوبه بها تصريحه الذي انطلق (وليس بالصدفة من فضائية الجزيرة)، أما تراجعه وتشديده على موقفه الذي وصفه بالمبدئي تجاه الكرد ودعم تجربتهم في كردستان فانه موقف لايمكن لعراقي يرغب بممارسة العمل السياسي التنصل منه أو العمل بما يغايره، إن كان يؤمن بالعراق الجديد الديمقراطي والتعددي. وبعد فان المطلوب هو رئيس عراقي بغض النظر عن قوميته أو دينه أو مذهبه، والشرط الاول والاخير أن يكون مخلصاً وأن يكون عراقياً، وعراقياً فقط.
نقطة ضوء :المطلوب رئيس عراقي
نشر في: 13 مارس, 2010: 08:29 م