TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > كيف استطاعت المخابرات الالمانية تهريب الكيلاني الى برلين ؟

كيف استطاعت المخابرات الالمانية تهريب الكيلاني الى برلين ؟

نشر في: 14 مارس, 2010: 04:59 م

حمزة  كريمبعد فشل حركة مايس عام 1941 اضطر رشيد عالي الكيلاني الى اللجوء الى ايران وذلك بقرار اتخذه قادة الحركة  انفسهم واعتمادهم النشاط السياسي من هناك لكن الكيلاني وجد بعد ذلك ثمة اخطار تهدد طهران بالذات باحتلالها عسكريا مما يعيق حركتهم من الاستمرار فاختار تركيا لحيادها آنذاك ولكون بريطانيا التي لم تكف عن مطاردة قادة الحركة لن تستطيع فرق حياد تركيا لاعتبارات كثيرة كما ان هناك عوامل اخرى كانت تساعد الثوار على ضمان الطمأنينة وعلى هذا الاساس لجأ الكيلاني الى تركيا ووصل استانبول بطريق البر فأستقبل وطلب منه عدم القيام بأي نشاط سياسي بشكل علني ورسمي
ولعل اول مشاريعه التي حققها هناك هي التقاؤه بعدد من الساسة العرب الذين فوضوه الاتصال بدول المحور لتشكيل الفيلق العربي وهو نواة جيش التحرير لذلك كان السبب الاساس للتفاوض مع حكومة الرايخ الالماني الثالث للحصول على تعهد يضمن وحدة واستقلال الدول العربية والدفاع عن (صونيون) التي تبعد حوالي سبعين كيلومترا عن اثينا مكانا لتجمع 45 ألف لاجئ عربي يشكلون نواة هذا الجيش!. rnالهروب اللغز!!في اعقاب تشكيل حكومة نوري السعيد التي بدأت بالضغط على تركيا لتسليمها الكيلاني الذي حكم عليه بالاعدام ظلت قصة هروب رشيد عالي الكيلاني من تركيا الى المانيا بتاريخ 21 / 11/ 1941 لغزا حير استخبارات الحلفاء التي كانت تترصده وترصد كل تحركاته، وفي ظروف الحرب العالمية الثانية وتطوراتها الاثر الكبير في تحديد سياسة اكثر الدول ذات العلاقة المباشرة بها وعليه فقد كانت تركيا رغم حيادها تخضع لضغوط سياسية ودبلوماسية كبيرة من الحلفاء مما حداها الى السعي  لتجنب اي موقف يعود بالضرر على امنها وسياستها الحيادية التي تمسكت بها رغم نفوذ الاستخبارات البريطانية في استانبول مقر الكيلاني ومطالبة حكومة نوري السعيد بتسليمها الكيلاني مما احرج الاتراك وحرك الاجهزة الامنية ضد الثوار المتواجدين فيها وفي خضم هذه التطورات اختفى الكيلاني فجأة من استانبول ولم يعرف احد كيف خرج والى اين ذهب؟! لكن الكيلاني الذي كان على صلة بمدير المخابرات الالمانية وفي استانبول وقد اجتمع (ليفركون)وقد اجتمع به عدة مرات كان اخرها يوم اخبره بأنه مكلف من حكومته بتهريبه الى المانيا بعد تفاقم الاخطار عليه وتزايد الضغوط البريطانية لتسليمه الى حكومة بغداد وقد وضع (ليفركون) عدة خطط لتهريبه من بينها تنظيم جواز سفر باسم مستعار او تسفيره ضمن بعثة اثارية المانية انهت تنقيباتها، وفجأة وبدون سابق انذار وصل وفد صحفي الماني الىتركيا بدعوة من وزارة خارجيتها وكان الوفد يضم ثمانية صحفيين هبطوا في مطار استانبول ومعهم صندوق كبير يسع لرجل واحد وهم يحملون ثمانية جوازات سفر رسمية تحمل تأشيرات نظامية وسمات دخول وكان الجواز الثامن يعود للهر (فاكر ناكل) عضو الوفد الصحفي، واهتمت الحكومة التركية بالوفد وقد تسلم كل واحد منهم دعوة لتناول العشاء في نادي الصحافة التركي مساء اليوم الذي وصل فيه الوفد الى استانبول، الاّ ان زميلهم الثامن (فاكر ناكل) لم يكن بمقدوره الاستجابة لدعوة العشاء (لاصابته بمرض مفاجئ وخطير) مما اضطره الى التخلف عن مرافقة زملائه اعضاء الوفد الذين غادروا الى انقرة في اليوم التالي للسبب نفسه، اثم استمرت الزيارة عدة ايام احتفى فيها الاتراك بضيوفهم الالمان واحسنوا وفادتهم وانهالت الدعوات على الوفد حتى ليلة سفره حيث اقيمت له حفلة وداع في السفارة الالمانية امتدت لوقت متأخر من الليل وفي هذه الاثناء كان الكيلاني قد وصل القنصلية الالمانية في استانبول وامضى فيها ليلة كاملة بعيدا عن اعين ملاحقيه حيث جرت المرحلة الاولى من عملية تهريبه الى المانيا فيما كان طبيب الماني يتولى معالجة الهر (فاكر ناكل) المريض جدا وقد استخدم الكيلاني بعد خروجه من داره خفية بسيارة مدنية استبدلها في منطقة ثانية زيادة في الحيطة والحذر، وهكذا ادى الطبيب مهمته بدقة فقام بلف رأس الكيلاني البديل عن الهر (فاكر ناكل) وقضى ليلة في نوم هادئ حتى صباح اليوم ايتالي وقد اضطر الى اعادة شد رأس الكيلاني جيدا وعند وصوله الى المطار كان الكيلاني في حالة يرثى لها من شدة الالام التي اثارت مشاعر العطف في نفوس مودعيه واغلبهم من رجال الصحافة والسلك الدبلوماسي!! وهكذا ودع الاتراك الكيلاني وداعا رسميا في مطار استانبول دون ان يعرفوا من هو!! ومن الجدير بالذكر ان الكيلاني وبعد عودته الى بغداد بعد نجاح ثورة 14 تموز 1958 تلقى رسالة من (ليفركون) يذكره بتلك الايام الحاسمة ويطلب منه مقابلته وهو في طريقه الى ايران بمهمة رسمية حيث كان يشغل منصب نائب مجلس (البندستاك) في المانيا الاتحادية!!. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram